بعد انقطاع دام نحو أسبوعين عادت معلمات وطالبات المدرسة المنكوبة في جدة وهن يحملن شعورين متناقضين، الأول يتمثل في استرجاع الفاجعة بكل تفاصيلها من أقاصي الذاكرة، والثاني العزيمة والإصرار على الخروج من عنق زجاجة الوجع. ربما تختلف المقاعد والطاولات، وبالتأكيد إن المكان قد اختلف لكن ما اتفقت عليه الطالبات والمعلمات هي تلك القصص التي صاحبت انطلاق أول شرارة نار، فتلك تروي كيف هربت من النار والأخرى ترى صديقتها إثر الحريق الذي ما زال على جسدها، بينما تحكي طالبة كيف فاقت من الفاجعة على السرير الأبيض. وفي خضم ذلك كله تتفطر القلوب وجعا على فراق معلمات انتقلن إلى رحمة الله، لكن دفة الحياة أبت إلا أن تسير برغم الوجع والألم. إلى ذلك أكدت مديرة مدرسة براعم الوطن الأهلية عبير مطر انتظام الدراسة بين صفوف الطالبات في كافة المراحل إذ انتظمت نحو 600 طالبة أمس على مقاعد الدراسة بعد انتهاء الأسبوع التمهيدي الذي هدف إلى إعادة التهيئة النفسية للطالبات. وبينت مديرة مدرسة براعم الوطن أنه جرى توزيع الجداول الدراسية على المعلمات وتزويد الطالبات بالكتب والمرايل، ولفتت أن انتظام الدراسة أمس لم يشكل نسبة غياب ملحوظة بخلاف الأسبوع الماضي الذي سجل نسب غياب نتيجة تأثر الطالبات نفسيا بالحادثة، موضحة أن تعلق الطالبات بالبيئة المدرسية سواء للمعلمات أو زميلاتهن ساهم في عودة غالبية الطالبات اللواتي التحقن بالمدارس الأخرى التي أبدت استعدادها لاستقبالهن إلى الدراسة في الفترة المسائية في الابتدائية «91». من جهتها أوضحت المساعدة الإدارية سمية شاولي عن وقوف أخصائيات نفسيات من إدارة الصحة المدرسية بالتعاون مع الشؤون الصحية وجمعية الشقائق أمس على الوضع النفسي للمعلمات والطالبات لمعرفة مدى الاحتياج لجلسات نفسية فردية، بعد أن انتهوا من الجلسات النفسية الجماعية التي كان أبرز محاورها المواجهة النفسية والتغلب على آثار الحريق. يذكر أن كافة الأخصائيات النفسيات أبدين جاهزيتهن في حال احتياج منسوبات المدرسة للجلسات النفسية. بدورها، أوضحت مديرة المدرسة 91 الابتدائية في جدة عزيزة الغامدي أنه منذ إبلاغ إدارة المدرسة باستضافة طالبات ومعلمات مدارس براعم الوطن في الفترة المسائية، وضعت خطة عمل داخلية لتهيئة الفصول الدراسية، وغرف للمعلمات، وتحديد مواعيد انصراف طالبات المدرسة في الفترة الصباحية لتكون الفصول جاهزة للفترة المسائية. وقالت مديرة المدرسة إن وكيلات ومعلمات ومشرفات المدرسة أشرفن على عمليات استقبال وتوزيع الطالبات على الفصول، وتسليمهن الكتب، ومساندة زميلاتهن معلمات البراعم في الأسبوع الأول لتمكينهن من التعرف على المدرسة، وتهيئة كافة الوسائل وتسخيرها لخدمتهن وتذليل الصعوبات التي تعترض العملية التعليمية، بما يحقق الانسجام النفسي للطالبات بعد الحادث المفزع جراء الحريق. وثمنت مديرة المدرسة 91 الابتدائية الجهود المبذولة من المشرفات التربويات ومنسوبات المدرستين لبدء الدراسة وانتظامها لطالبات مدرسة براعم الوطن في فترة وجيزة بعد الحادث، ما يؤكد عمل الفريق الواحد في فترة الأزمات وتجاوزها.