عادت مصر إلى واجهة المشهد بشكل بارز لكنه مختلف عن حضورها في فترة غليان الثورة ووهجها. في تلك الفترة كان الجميع فرحين بمصر ومتعاطفين مع شعبها وفخورين بشبابها. وحين نزل الجيش إلى الساحة ووضع سياج الحماية للثورة نال الإكبار والاحترام والثقة بأنه الضامن الأساسي لإنجاز بقية خطوات الثورة وتسليم مصر إلى بر الأمان. أوشك عام على الثورة أن ينتهى لكن كل شهر يأتي أسوأ من قبله، ويمكن الآن القول بأن المجلس العسكري لم يكن موفقاً في التعامل مع كثير من الملفات منذ استلامه السلطة. انتظر المصريون وحاولوا إيجاد أعذار للمجلس في بداية المرحلة، لكن الانتظار طال دون أن يتحقق شيء غير المزيد من الانهيار الأمني والاقتصادي، وانهيار الثقة بين المجلس والشعب بعد عدة قرارات وإجراءات جعلت مصر تشعر أنه لا يوجد فرق كبير بين الليلة والبارحة.. وحين خرج المشير طنطاوي ملقياً خطابه في ذروة الأزمة لم يكن موفقاً لأن الخطاب، إضافة إلى لغته الاستعلائية التهديدية، لم يباشر الحديث عن أهم أسباب غليان الشعب ونزوله إلى ميدان التحرير لإنقاذ الثورة من الذين كانوا حماتها.. الوضع الذي شاهدناه محزن ومقلق جداً. لا يوجد فرق كبير بين تعامل الشرطة مع المتظاهرين في عهد مبارك وعهد المجلس العسكري. الأزمة السياسية التي سمح المجلس العسكري بتعقيدها جهلاً أو عمداً وضعت مصر في مأزق حرج لن يجعل الانتخابات المنتظرة مخرجا ممكناً لأن الوضع الراهن لا يسمح بتنفيذها بنزاهة وشفافية، ولن تكون بالشكل الذي يحلم به المصريون.. مفارقة صارخة جداً حين يقف المصريون في أكثر من ميدان مطالبين برحيل المجلس العسكري وتسليمه البلاد لسلطة مدنية بشكل فوري. لهجة المشير طنطاوي لا توحي بأن المجلس سيرضخ لإرادة الشعب رغم أن الحلول العاجلة ممكنة إذا أراد المجلس. في الوقت ذاته يزداد إصرار المتظاهرين ويزداد عنف المواجهات وسقوط الضحايا، العقلاء في الساحة السياسية المصرية تركوها للمزايدين والذين يحسنون إدارة الصفقات.. وإذا لم يفكر المصريون والعرب بعقلانية وضمير لإنقاذ مصر الآن.. فإنها ستغرق، وغرقها مصيبة.. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة