أكدت أمانة المدينةالمنورة أنه لن يتم إجراء تعديل في النطاق العمراني للمنطقة، موضحة أن حدود النطاق العمراني وضعت حتى العام 1450ه. وقال المتحدث الإعلامي في أمانة المدينةالمنورة المهندس عايد البليهشي إن مخطط النطاق العمراني اعتمد من مجلس الوزراء في العام 1428ه. وتأتي تأكيدات أمانة المدينةالمنورة ردا على استفسارات مواطنين حول مصداقية المعلومات المرددة عن تعديل النطاق العمراني للمنطقة. وأكد عايد البليهشي أن قضية العدالة المكانية في نشر التنمية في المنطقة على رأس أولويات المخطط الإقليمي للمنطقة، وذلك بالنظر إلى ما كانت تعاني منه العملية التنموية في المنطقة من استئثار المراكز الحضرية الرئيسة (المدينةالمنورة وينبع) بمعظم مقومات ومخرجات الأنشطة الاقتصادية الخدمية في المنطقة. وأفاد المتحدث الإعلامي لأمانة المدينةالمنورة بأن النقاط التي وضعها المخطط الإقليمي في اعتباره بعد مراجعة المخطط السابق، تتمثل في زيارة وتيرة التحضر السريع في المنطقة، حيث أشارت النتائج الأولية لتعداد السكان في المملكة في العام 1413ه، إلى أن إجمالي تعداد السكان بلغ نحو 16.9 مليون نسمة، وأن نسبة سكان الحضر في المملكة بلغت نحو 77 في المائة من إجمالي السكان، وبلغ إجمالي تعداد سكان منطقة المدينةالمنورة في نفس التعداد نحو 1.07 مليون نسمة، حيث يقدر بنحو 6.4 في المائة من إجمالي تعداد السكان، وبلغت نسبة سكان الحضر في منطقة المدينةالمنورة نحو 74.4 في المائة من إجمالي السكان. وأضاف عايد البليهشي «وارتفعت هذه النسبة بشكل طفيف في العام 1420ه، لتصل إلى نحو 74.8 في المائة، ولا شك أن استمرار هذا النمط السريع للتحضر في منطقة المدينةالمنورة الناتج عن تفضيل المواطنين للعيش في المناطق الحضرية قد تترتب عليه آثار سلبية كثيرة، كتهميش دور قطاع الزراعة، وهو من القطاعات الاقتصادية التقليدية في إقليمالمدينةالمنورة، والتي لا تزيد نسبة مشاركتها في إجمالي العمالة في الإقليم حاليا على 8.07 في المائة، ويترتب على ذلك تعقد سبل التعامل مع تحقيق التنمية المتوازنة، وما ينطوي على ذلك من آثار سلبية على البيئة ومستويات المعيشة». وأوضح المتحدث الإعلامي لأمانة المدينةالمنورة أن المخطط ركز على أهمية وجود استراتيجية واضحة للتنمية الشاملة على المدى البعيد، فقد يؤدي إلى أن تستمر المدينةالمنورة وينبع في النمو على حساب المدن الصغيرة الأخرى في المنطقة، ولا شك أن ذلك سيمثل تحديا للجهود المستقبلية اللازمة لتحقيق التكامل الوظيفي والإنتاجي بين مختلف التجمعات السكانية في الإقليم، إضافة إلى عدم ظهور التحديات الحقيقية والآثار السلبية للتحضر السريع، فعلى خلاف الكثير من الدول فإن المملكة لم تواجه حتى الآن التحديات الجدية للآثار السلبية للتحضر السريع، مثل الازدحام والاختناقات المرورية وتلوث الهواء وارتفاع معدلات الجرائم، وإذا ما استمر استقطاب المدينةالمنورة وينبع للسكان من باقي أجزاء المنطقة، فقد تتعرض المدينةالمنورة لبعض المشكلات التي تواجه المدن الكبرى الأخرى في العالم، وأهمها ارتفاع الكلفة الاجتماعية لتوفير فرص عمل جديدة وتوفير المرافق والخدمات. وشدد المخطط على ضرورة تحقيق أكبر قدر من الانتشار في توزيع الخدمات والمرافق والفرص الاقتصادية بين النطاقات المكانية المختلفة سواء على مستوى المملكة أو مناطقها، ليعتبر أحد الأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى لمسيرة التنمية الوطنية، وفي ظل اقتصاد حر كما هو الحال في اقتصاد المملكة، فقد يكون من الصعب تحقيق مثل هذا الهدف في حالة غياب استراتيجية بعيدة المدى للتنمية الإقليمية، تحدد الأسس التي يتم بمقتضاها التنسيق بين السياسات القطاعية على المستوى الإقليمي، بحيث يتم من خلال هذه السياسات استهداف مناطق وقطاعات معينة من السكان في الإقليم. وطالب المخطط بفتح المجال أمام استغلال الموارد الكامنة في النطاقات المكانية ذات الكثافات السكانية المنخفضة (الأبعاد الاقتصادية للاستراتيجية)، أو غير المأهولة في منطقة المدينةالمنورة، بهدف زيادة مشاركة المنطقة في الناتج الوطني يستدعي توجيه اهتمامات خاصة لبعض أجزاء المنطقة، وذلك من خلال التدخل الحكومي المباشر لهيئة المناخ الملائم لتحفيز دور القطاع الخاص في الاستثمار في موارد هذه المواقع، وقد لا يتحقق ذلك في غياب رؤية واضحة بعيدة المدى لتوجهات النمو وأولوياته على مستوى المنطقة وتجمعاتها السكانية على المدى البعيد. وركز المخطط على أهمية منظومة المدن التي تعتبر من أهم الوسائل التي يمكن بمقتضاها نقل التنمية، ونشر الاختراعات والاستخدامات الحديثة للتقنية، ولا شك أن منطقة المدينةالمنورة تعاني من اختلال في منظومة المدن، حيث تستحوذ المدينةالمنورة وحدها على نحو 76.4 في المائة من إجمالي سكان مدن المنطقة، ونحو 57.8 في المائة من إجمالي سكان المنطقة ككل، أما المدن الثلاث التي تلي المدينةالمنورة في الحجم فيبلغ إجمالي سكانها مجتمعة نحو 20.3 في المائة من إجمالي سكان الحضر في المنطقة، ولا يتعدى إجمالي سكانها نحو 26.5 في المائة من إجمالي سكان المدينةالمنورة، ما يؤكد غياب منظومة متوازنة للمراكز الحضرية، إضافة إلى أن إحداث تغييرات في المنظومة عادة ما يأخذ وقتا طويلا يتعدى عشرات السنوات، فإن تحقيق ذلك يتطلب بالتالي توجهات وسياسات تنموية بعيدة المدى، تتمثل في استراتيجية للتنمية الإقليمية تشتمل على سياسات وآليات واضحة لتحقيق هذه الاستراتيجية في خطوات مرحلية على المدى المتوسط والقصير. وخلصت دراسات المخطط الإقليمي لمنطقة المدينةالمنورة إلى تبني خيار التنمية الشاملة سواء على المستوى القطاعي أو المكاني وذلك لمواجهة التحديات أمام المنظومة العمرانية للمنطقة ككل. كما أوضحت دراسات المخطط الإقليمي للمنطقة أنه على الرغم من المزايا النسبية التي توفرها المدينةالمنورة، إلا أن استمرارها في استقطاب السكان من التجمعات السكانية الصغيرة في المنطقة وفقا للمعدلات الحالية، قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة النمط العمراني غير المرغوب وما قد يترتب عليه من زيادة فجوة التباينات بين محافظات المنطقة، فالواقع الحالي يؤكد أن نمط الاستيطان الحالي في منطقة المدينةالمنورة يتمتع بوجود مركز حضري كبير واحد وهو المدينةالمنورة، والبالغ عدد سكانه نحو 839 ألف نسمة. وأبانت دراسات المخطط الإقليمي أنه لا توجد مراكز حضرية متوسطة الحجم عدا مدينة ينبع، والبالغ عدد سكانها نحو 165.9 ألف نسمة، وتنتشر في المنطقة التجمعات السكانية الحضرية الصغيرة، مما يؤكد غياب النمط الهرمي المتوازن للتجمعات السكانية الحضرية، حيث إن النمط الهرمي المتوازن هو أساس في تحريك النمو الإقليمي، وأن المدن بأحجامها المتفاوتة هي أدوات لنقل التنمية بالتدرج من المدينة الكبرى إلى المدن الأقل حجما والمناطق المجاورة له.