متحمس بدون اندفاع، عقلاني ليس عاطفيا، يأسرك بحديثه الواقعي، الممزوج بعبق التاريخ ومرجعية الجغرافيا، ورؤى المستقبل، متغلغل في مشاريع المجتمع المعرفي، شغوف بمشروع رسل السلام، عندما يتحدث عنه، تشعر أنه في حالة عشق به، يؤمن بأن الاستثمار في الإنسان السعودي هو الأساس لخدمة الوطن والإنسانية. هكذا بدا لي الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد وزير التربية والتعليم رئيس جمعية الكشافة السعودية، وأنا أراه يتحدث بشفافية ووضوح معي في سيارته الخاصة، ونحن في طريقنا إلى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، ليضع سموه اللمسات الأخيرة على حفل تدشين مشروع رسل السلام الذي ينطلق اليوم في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» بحضور ملك السويد وشخصيات عالمية. يقول الأمير فيصل بن عبدالله «نحن الآن أحوج ما نكون إلى رسل سلام، يعكسون وجها جميلا للعالم، يحملون أسمى القيم، قيم الخير والسلام والعدالة والوسطية والتعايش السلمي». ويضيف «إن عالما تتصارع فيه قوى الخير، وقوى الشر يحتاج إلى هذا النوع من القيم، يحتاج إلى رسل تحمل الصدق والخير، وما نريده هو تحقيق رؤية الملك عبدالله الذي سخرّ جل وقته لخدمة البشرية والإنسانية». زيارتي لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بمعية الأمير فيصل بن عبدالله كانت الأولى لي، ورغم أنني لم أتجول في جميع أنحاء الجامعة إلا أنه كما يقول المثل المصري «الجواب يبان من عنوانه»، فهي بحق معلم حضاري علمي يفتخر به الجميع. كاوست منبر العلم ستكون على موعد مع مشروع السلام، حيث ستتناغم رسالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز التسامحية والمعرفية مع رسالة رسل السلام التي حدد معالمها بكلمات بليغة أكثر من مؤثرة لخادم الحرمين الشريفين، الذي عبر عن مهمة شباب رسل السلام إلى العالم عندما قال «إن الكشافين هم رسل الخير والحب والسلام إلى كل العالم، إنني أتضرع إلى الله أن يعين الكشافين على المساهمة بقوة في خدمة البشرية والإنسانية وتوحيد الكلمة بين شعوب العالم، ستظل الإنسانية باقية طالما يحب الإنسان أخاه، وأعتقد أنكم أظهرتم هذا الأثر في عقول 28 مليون شاب إن شاء الله، أتمنى لكم حظا سعيدا ومزيدا من النجاح في مهمتكم النبيلة التي تستهدف خير البشرية». هذه الكلمات تبناها فيصل بن عبدالله، وجعلها خارطة طريق المشروع الذي يسلكه شباب الكشافة في العالم؛ لتأصيل مبدأ الحوار بين الشعوب وخدمة الإنسانية، إنها دعوة صادقة من ملك يؤمن بالحوار وفهم ثقافة الآخر. إنها رسالة كونية إلى العالم ستنطلق من كاوست؛ لتحلق في العالم حاملة دعوة السلام من بلد السلام. ومن ثول سيشاهد العالم أن الكشافة قادرون أن يغيروا العالم إلى الأفضل حيث التحفيز للآخرين وإدراك وفهم أهمية نشر قيم السلام.