«والضد يظهر حسنه الضد»، من الطبيعي أن يكون التلذذ في الحياة بالأضداد والبحث عنها، وإلا من أين كنا نأتي بما يقابل الأبيض لولا وجود الأسود، ومن أين نأتي بالمتعة في مباريات البرشا إذا لم يكن هناك زملاء كريستيانو رونالدو وريال مدريد، وكيف نستمتع بروعة الاتحاد لولا «مداقراته» للأهلي والهلال والمراوحة في المستويات والنتائج معهما. كذلك كانت المتعة في تعامل موسيقى وألحان رياض السنباطي وما يقابلها من ألحان لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب في أو لصالح حنجرة أم كلثوم، لها ألف طعم وطعم لكن بنكهتين ثابت فيهما المزاج (السنباطي) أو (الوهابي)، إلا أن التجربة الكلثوسنباطية كان لها عشاقها المتطرفون جدا الذين قبلوا منذ الأربعينات ذلك المزيج المخلوط بصوت أم كلثوم مع موسيقى القصبجي وزكريا، وقبل ذلك بكثير قبلوا تجاربها مع أبو العلا محمد وداوود حسني إلا أنهم لم يتقبلوا بعد ذلك بكثير تجاربها مع محمد عبدالوهاب؛ بدءا من لقاء السحاب «أنت عمري» وازداد رفضهم للعقد المتوالي لعبدالوهاب الذي كر كما سبحة بلغت 11 من الأصداف الجميلة مع أم كلثوم في تاريخهما ومشوارهما الفني والأدهى من هذا وذاك عدم قبول هؤلاء المتشددين في أذواقهم الفنية تجارب أم كلثوم مع بليغ ومحمد الموجي، مع قبولهم بعض الشيء بتجربتها مع سيد مكاوي. كل ذلك وتبدو الصورة في مشهدها العام أن جمهور تجارب عبدالوهاب مع أم كلثوم يقبلون وبإعجاب كبير سنباطياتها في الغالب. إلا أن العكس كان أمرا صعبا في المجمل، الأمر الذي يجعلنا نتساءل لماذا هذه المواقف الواضحة في عدم رضى من التجربة (الكلثوهابية) عند سميعة النتاج الإبداعي (الكلثوسنباطي)، عدم الرضى ذاك الذي بدا واضحا منذ أنت عمري عندما كسر عبدالوهاب التخت الموسيقي النمطي لأم كلثوم الذي كانت أهم علاماته عود القصبجي وقانون محمد عبده صالح وكونترباص عباس فؤاد (عظمة) وناي سيد سالم والكمنجاتية العمالقة الذين كان في آخر طابور لهم كل من أحمد الحفناوي وسعد محمد حسن ومحمد علي سليمان وخالد فؤاد. ليدخل أورج هاني مهنا وجيتار وبيز جلال فودة في تخت ثومة ويحول التخت إلى فرقة بمعناها الحديث. ثم إن هناك سببا آخر أزعم أنه كان أحد العوامل التي زادت «رافضة» تجارب عبدالوهاب مع أم كلثوم تعنتا استخدامه لوحات (الفالس) الموسيقية في ألحانه، وهي تلك الموسيقى في ألحانه التي تأتي بلا إيقاع على متن اللحن! هو الجو الموسيقي الراقص الذي لا يحبه عتاولة المستمعين لكلاسيكيات الغناء العربي. فاصلة ثلاثية لابن زيدون: فما غاب عن عيني خيالك لحظة ولا زال عنها والخيال يزول للعباس بن الأحنف: احفظ ما قد كان بيني وبينكم ارعاكم في مشهدي ومغيبي لأبي نواس : ولا شربت لذيذ الماء من ظمأ إلا وجدت خيالا منك في الكأس