مع حلول رمضان، من كل عام يستحضر كبار السن ذكريات الزمن الجميل رغم قلة الإمكانيات، حيث جلسات السمر والسوالف والقصص التي تشجع على الحكمة والكرم والشجاعة والتلاحم والتعاضد بين أفراد الحي الواحد أو المجتمع ككل، وترى هذه الفئة أن شهر رمضان لم يعد كالسابق بل أصبح مثل شهور السنة الأخرى دون تميز واضح، عكس زمان حيث كان الناس تتفاعل مع مقدم الشهر الكريم وتتبارى في طريقة استقباله حتى باتت سماته القديمة رمزا معروفا لدى الصغار والكبار. وهنا تداعب «عكاظ» مخيلة من عاش رمضان زمان، الذين أبدوا شوقا وحنينا جارفا لتلك الأيام الجميلة، رغم تغير الزمان والأشخاص والفرق الشاسع بين اليوم والأمس في أصناف الطعام التي إندثر منها أصناف عديدة نتيجة المدنية وتغير نمط الحياة لدى الناس، وعبروا عن حنينهم للماضي، كما تحدثوا عن تفاعل الناس مع قدوم الشهر وطرق استقباله واستعدادات الأسر للشهر الكريم. في البداية، أكد عبدالله العامري الفرق الشاسع بين رمضان الحاضر والماضي، وأضاف: أبرز هذه التغيرات اجتماع الأهالي في الأحياء مع حلول اليوم الثاني من الشهر، مبينا اختلاف طرق السهر في رمضان عن السابق، وقال: كانت الأسر في السابق تجتمع لوقت متأخر في بيت أحد أفراد الأسرة، أما في وقتنا الحالي فإن الأسر تفضل قضاء الوقت في الأسواق بينما يجتمع الشباب مع بعضهم في أماكن يختارونها بأنفسهم. وفيما يتعلق بالوجبات الرمضانية، قال الاختلاف فقط في المضمون، فطعم «السمبوسة» كان طعمه قديما أشهى وألذ، فيما الأنوار والإضاءة في الطرقات زمان كانت أبرز سمات استقبال رمضان، عكس اليوم الذي لا يميز شهر رمضان عن سواه أية علامات بارزة غير السهر حتى الفجر. لا يوجد طعام ويرى صالح القاضي، أن الوجبات الرمضانية كانت قديما أفضل وأنقى. وقال: كان الطعام قديما يتكون من اللبن و «الخمير»» والدخن إضافة إلى حليب البقر والأغنام الطازج، منوها بعصيدة رمضان الشهية المحضرة من اللبن والعسل، وليس بالقشطة والزيوت الصناعية كما يحدث اليوم. وأضاف قائلا: اشتاق للماضي، حيث كان الأهالي يعتمدون في طعامهم على الوجبات المنزلية والمشبك والنارجيل، قبل أن يستبدل الجيل الحالي العادات الطيبة كالوجبات المنزلية والطهي الطيب بأكلات المطاعم التي لا يضمن أحد جودتها. موسم للفوضى ووصف عبدالرحمن القليصي رمضان اليوم بالفوضى والزحام في المركبات والبشر. وقال: ما نشاهده من زحام في الأسواق والمتاجر رغم التنظيم ووفرة الحاجيات يتناف مع هدف وروحانية الشهر المبارك. وأضاف: في الماضي لم نلحظ مثل هذه الفوضى والتدافع على شراء المواد الغذائية، مشيرا إلى اعتماد الأهالي قديما على الوجبات الرمضانية كالشوربة والسمبوسة والشفوت إضافة للفول، مبينا انتشار ظاهرة السهر في رمضان في السنوات الأخيرة بشكل كبير عكس زمان. من جهته تناول محمد الغيش غلاء الأسعار مع اقتراب حلول شهر رمضان في السنوات الأخيرة، مبينا مضاعفة الأسعار في وقتنا الحالي. وأضاف: الشوربة في الماضي كانت تكفي حاجة الأسرة وما تبقى منها يهدى للمساجد، وطالب وزارة التجارة بتحري أصحاب المحال التجارية، الذين يسابقون الأهالي، ويشترون العروض، ثم يبيعونها بأسعار مضاعفة على المستهلك. لم يتغير أما إبراهيم شامي فأبدى موقفا محايدا، وقال: رمضان جميل.. ولم يتغير كثيرا عن السابق، والفرق أننا كنا ننظر إليه سابقا بعين الطفولة، وبين أنه وأهله متمسكون بالعادات القديمة المتوارثة عن الأجداد، ويستقبلون شهر رمضان بفرحة كبيرة واستعداد تام عبر توفير السلع الرمضانية المعروفة والتي نحافظ على توفرها في المائدة الرمضانية كوجبة ثابتة، علما أن بعض الأصناف اختفت من الأسواق وباتت من الماضي. وفي المقابل لا يرى جابر أحمد نقصا أو اختفاء لأصناف رمضانية قديمة بعد انتشار ظاهرة الوجبات السريعة في السنوات الماضية. وقال: لا زالت الأسواق عامرة بالمواد الغذائية الرمضانية القديمة ومع ذلك اعتمد على الوجبات المنزلية، متمنيا عودة أيام الفوانيس إلى رمضان الحاضر، وعودة الأجواء الرمضانية القديمة التي تلاشت مناظرها التراثية نتيجة هجمة الحضارة والمدنية الجائرة -على حد قوله.