«كيف تستطيع قتل الحب مرة واحدة، دفعة واحدة، وهو ليس بينك وبين شخص واحد، إنه بينك وبين كل ما له علاقة به !!. أحلام مستغانمي في كتابها (عابر سرير) تصور أحلام مستغانمي معاناة البطل أثناء محاولاته نسيان الحبيبة، فهو كلما قرر نسيانها برز أمامه ما يذكر بها. طريق سارا فيه معا، مطعم منزو تغديا فيه سويا، كتاب تركت بصماتها فوقه، رائحة عطرها، شبح ابتسامتها، جريدتها، أقلامها أوراقها، هداياها إليه، دعاباتها معه، دموعها، مخاوفها التي كانت تفضي بها إليه. كثيرة، كثيرة هي الأشياء التي تذكره بها، فكيف له أن ينسى! وكيف له أن يتخلص من ماض يلف أذرعه حوله كأخطبوط! لكي ينسى لابد أن يفني كل شيء يتصل بها، كل شيء يربطه إليها، عليه أن يهد الطرقات التي حملتهما سويا، والبحر الذي ضم جسديهما معا، والأسواق التي توقفا عندها، والمتاحف التي زاراها، ومعارض الفن التي عشقاها، و، و، هل يتحول إلى شمشون آخر فيهدم المعبد على من فيه من أجل أن ينسى! دفن الذكريات مستحيل فهي تظل تتقافز واحدة إثر أخرى، كلما قمعت إحداها برزت لك الثانية، ومع تقافز الذكريات، لا أمل في النسيان. لذلك تطرح أحلام وصيتها على لسان البطل: «لتشفى من حالة عشقية، يلزمك رفاة حب، لا تمثالا لحبيب تواصل تلميعه بعد الفراق مصرا على ذياك البريق الذي انخطفت به يوما. يلزمك قبر ورخام وشجاعة لدفن من كان أقرب الناس إليك».. (شجاعة) ؟، من يملك الشجاعة يا أحلام، ليدفن برضاه أقرب الناس إليه!!، أحلام مستغانمي تبرع في القبض على أدق تفاصيل المشاعر البشرية، فهي في دقة تصويرها لمعاناة بطلها وهو يجاهد نفسه في التغلب على مشاعره البائسة، ودفن آلام قلبه بعد أن استحال الوصل بينه وبين من أحب، تنسيك أنها تحدثك عن الآخر، فتظن أنها تتحدث إليك عنك، وأنها تغرف مما في داخلك لتخرج لك ما أنت حريص على إخفائه حتى عن ذاتك، وتأخذ تصغي إليها في استسلام مريح، تهز رأسك موافقا مع كل ماتقول، بل قد تجد نفسك بين حين وآخر تقفز من الدهشة، متحيرا كيف استطاعت أن تصل إلى ما لم تستطع أنت أن تصل إليه من كشف مكنونات قلبك لتخبرك عن أحاسيس تحسها لكنك تعجز عن تصويرها وإبرازها، ناسيا خلال كل هذا، أنها تتحدث عن بطلها لا عن ذاتك. فاكس 4555382-01