سجناء جامعيون دفعتهم بعض المواقف كي يطووا أوارقهم العلمية ودفاتر محاضراتهم ليصبحوا نزلاء بإرادتهم، هم ليسوا أغلبية، لكن عددهم مقدر ومعتبر في سجن عرعر، يشغلون ساعات السجن والحبس بالاستذكار وتحصيل العلم والسهر لطلب المعالي، أحسنت إدارة السجون عندما فتحت هذا الباب للمتطلعين والطامحين، فلم يعد السجن مكانا لقضاء المحكومية وانتظار الإفراج والفرج بل قاعة للدراسة والعلم والاجتهاد والمثابرة. سجناء وحواسيب آلية «عكاظ» رصدت وتلمست حياة الجامعيين في سجن عرعر المركزي وبدت عليهم علامات الجد والوقار والاحترام، يسيرون في جماعة وصف بصحبة جنود من السجن، اشتعل فضولي الصحفي لأسال من يقودهم إلى أين هم ذاهبون؟ فعلمت أن المجموعة في طريقها إلى مكتبة السجن استعدادا لدخول امتحانات الجامعة. استسمحنا مرافق الجامعيين بالدخول إلى المكتبة لمعرفة ما يدور على طاولاتها وإصداراتها وكتبها. دخلنا إلى عمق المكتبة قبل أن ينتشر الطلاب الجامعيون خلف أجهزة الحواسيب الآلية، جلس كل واحد خلف الشاشة وراح يتلاعب بإصبع الحروف بمهارة وسرعة. اقتربت من أحدهم «م . ع» وقد أدار محرك الحاسوب ثم فتح صفحات كتاب أنيق، يقرأ حينا ويكتب أحيانا وعيناه لا تفارق الشاشة ثم قال: أنا محكوم في قضية مخدرات، والآن في السنة الثانية من الجامعة وبرغم وجودي هنا فقد فتحت إدارة السجون الفرص لي ولرفاقي النزلاء فأردت اغتنام الفرصة الثمينة من أجل إكمال دراستي والحصول على الشهادة الجامعية. السجن مكتبة كبرى « خ .ح» الذي كان مشغولا بكتابه وشاشته الإلكترونية التقط طرف الحديث من رفيقه الجامعي وأضاف أنا في هذا المكان منذ سنوات، كنت أحاول إكمال دراستي بعد الثانوية العامة ولم يكن المجال مفتوحا أمامنا، والآن انتهزت الفرصة وسجلت في الجامعة وانتهيت من أداء الامتحانات، وإن شاء الله سأحدد التخصص الذي أرغب فيه العام المقبل. أما السجين «ف. ع» المحكوم في قضية مخدرات فقال: فتح المجال أمام السجناء من أجل إكمال الدراسة الجامعية شيء مفرح ويفتح باب الأمل أمام النزيل الذي يستطيع إكمال دراسته والحصول على الشهادة. سلاح الذات والوجود الملازم محمد قاعد الرشيدي المسؤول عن آلية انتساب السجناء الجامعيين داخل السجن أوضح ل «عكاظ» أن هناك منسقا بين السجن والجامعة كي يستطيع السجناء إكمال دراستهم ويتولى المنسق عملية التواصل بين الجامعة والسجن لتحديد الاختبارات ووقتها والآلية التي تتم بها. وأشاد الرشيدي بحرص الكثير من السجناء على استغلال الفرصة من أجل إكمال مسيرتهم الدراسية والحصول على الشهادة. من جانبه، أكد الأخصائي النفسي في سجن عرعر المركزي مفلح جهيم العنزي أن السجين يحاول أن يقدم شيئا لنفسه يعوضه عن الذنب الذي اقترفه، وبالتالي الكثير منهم يفكرون في المستقبل وكيف سيكون حاله عندما يخرج من السجن والشهادة الجامعية سلاح جيد لكل من يبحث عن الذات والوجود.