كشفت عدد من المتدربات والمنتسبات إلى مراكز ومعاهد التدريب المهنية الخاصة عن مشكلة يواجهنها مع هذه المراكز والمعاهد تتمثل في تأخير تسليم الشهادات لأشهر، لا بل لسنوات، وأيضا في مستوى التدريب، حيث تتهم المدربات المراكز بتغيير المدربات باستمرار حتى أن أحد المراكز غير مدربة إحدى المواد مرتين في أسبوع واحد، الأمر الذي يعني بنظرهن تدني المستوى. «عكاظ» تناقش هذه المشكلة مع المتدربات اللاتي وصفن هذه المراكز بأنها «أشباه معاهد»، فيما نفى المسؤولون عن المعاهد ما ساقته المتدربات ورموا الكرة في ملعب المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني التي اعتبرت أن المشكلة لا تعدو كونها مسألة إجرائية بين المعهد والمتدربة تتعلق بالحقوق المالية. بداية, روت رانيا الشريف معاناتها مع معاهد التدريب قائلة: رغم أنني انتهيت وشقيقتي منذ نحو ثلاث سنوات من دورة دبلوم الحاسب الآلي، ألا أننا لم نتسلم حتى الآن شهادتينا من المعهد رغم أننا دفعنا لهم كل المستحقات المالية. وأضافت: لو أننا حضرنا دراسات عليا لاستلمناهما فورا، ولكن للأسف يعطوننا الأماني الزائفة ومن ثم نكتشف حقيقتهم المرة. وتلتقط شقيقتها حنان طرف الحديث قائلة: المشكلة ليست في تأخر استلام الشهادة فقط، ولكن عندما نتقدم للتوظيف لدى أي شركة أو مؤسسة أو جهة يطالبوننا بالشهادة ويخبروننا أنه بعد مضي عام على حصولنا على الدورة بدون الحصول على شهادة بذلك فلن يعترف بها بعد ذلك. وسألت من ينصفنا ويعيد حقنا ويعوض لنا وقتنا ومالنا المهدر؟ من جهتها، قالت نوف فهد (موظفة): درست في مركز مشهور جدا، طبعا لم اكتشف حقيقته المرة إلا بعدما دفعت قرابة سبعة آلاف ريال. وأضافت «التحقت في دورة سكرتارية ولغة إنجليزية ودفعت لهم المال بناء على شرطهم، ولأنني أحتاج للدورتين في مجال عملي حرصت على الحضور لأحقق أقصى استفادة ممكنة، وتخيلي التعب الذي أواجهه كوني أخرج من عملي واتجه مباشرة إلى المركز وأبقى هناك حتى العاشرة ليلا». وتابعت «بعد مضي شهر تقريبا بدأت تنكشف لي المعاناة بدءا من تأخر بدء الدرس ومرورا بتغير المدربات، حيث تم تغييرهن أربع مرات، وطبعا لكل واحدة أسلوب وجنسية مختلفة، وبعدما من الله علي وانتهيت من الدبلوم دخلت في معاناة جديدة تمثلت في استلام الشهادة والتي حتى الآن لم استلمها، وفي كل مرة أسألهم يبلغونني أنهم أرسلوها إلى المؤسسة العامة للتدريب التقني المهني، فأذهب لمراجعة المؤسسة فيبلغوني هناك بأنهم أرسلوها مباشرة بعد التصديق إلى المركز». وقالت «مضت أشهر على تخرجي ولم استلم الشهادة حتى الآن، وأنا والحق يقال أعرف أن المؤسسة لا تتأخر أبدا، وبعد مضي هذه الأشهر سأكمل العام، ولكن كيف سأستفيد من شهادتي، خصوصا أنها ستصبح عديمة الفائدة». تغيير المدربات أما عهود الدوسري (موظفة قطاع خاص) فقالت: حقيقة عانيت الأمرين من هذه المعاهد التي تملأ إعلاناتها الصحف، وكلها تقول إنها عالمية المستوى والأولى في الاعتراف الدولي وتوظف أرقى المدربات وغيرها من الأكاذيب، لنكتشف بعدها أنها مجرد حبر على ورق. مشيرة إلى أن المعهد الذي درست فيه أصبح مشهورا بالتغيير الدائم والمستمر للمدربات لدرجة أنه غير مدربة إحدى المواد مرتين خلال أسبوع واحد، وأكثر من ذلك كان يتأخر علينا بالمواصلات حيث كنا نصل إلى الصف متأخرين حتى أن ساعات كانت تضيع علينا، وعندها قررت الانسحاب وطلبت منهم إعادة الفلوس ولكنهم رفضوا، فهددتهم باللجوء إلى الإعلام، ويبدو أن الإعلام له تأثير قوي فأعادوا لي المال فورا». من جهتها، قالت سلوى حميد «لن أنسى الكابوس الذي عشته وزميلاتي في معهد يملكه مجموعة من الأكاديميين المعروفين، ولكن للأسف ما شهدناه من مهازل وهو أقل وصف لما يحصل يجعلنا نتساءل أين المؤسسة عن هذه المعاهد»؟ وأضافت: عندما تقدمنا للدراسة رحبوا بنا ودفعنا لهم على دفعتين، الثانية بعد أقل من شهر من الأولى، بدأنا مشوار التدريب ولكن ما وجدناه منذ اليوم الأول كان مناقضا تماما لما اتفقنا معهم عليه، فمثلا كتبوا أن لكل متدربة جهازا ووجدنا أن لكل متدربتين أو أكثر جهازا، طبعا ناهيك عن العطل المستمر لهذه الأجهزة. وأضافت: أتذكر أننا في الاختبار النهائي خرجت إحدى المتدربات وهي منهارة لأنها عندما وصلت إلى المرحلة النهائية انطفأ جهاز الحاسب الآلي فجأة، وطبعا المدربة والتي هي قريبة أحد ملاك المعهد رفضت أن تتجاوز عن ذلك واحتسبت أنها دخلت الاختبار ولكنها اختارت الجهاز المعطل. وأتساءل هنا ما هو ذنب هذه الطالبة، وهل يعقل أن معهدا معروفا مثل هذا لا يجري عمليات صيانة لأجهزته؟ أما زميلتها في المعهد منيرة محمد فقالت: أتذكر أن المدربة طلبت مني أثناء الاختبار النهائي رسم شكل هندسي معين ومعقد في الوقت ذاته، ولم أستطع رسمه نظرا لصعوبته، وكررت العملية أكثر من مرة، وعندما أخبرت المدربة قالت لي أنت غير متمكنة، وعندما طلبت منها أن ترسمه هي حاولت ولم تنجح في ذلك رغم أنها حاولت أكثر من مرة وعندها لجأت إلى حذف السؤال. وسألت قائلة إذا كانت المدربات غير احترافيات فكيف سمح لهن أصلا بالالتحاق بتدريبنا؟ طبعا هذا بخلاف تغير معلمة اللغة ثلاث مرات وما نعانيه جراء ذلك. وأضافت «عندما نافشنا الإدارة في تغيير المدربة قالوا لنا إن ظروفها طارئة وعندما قلنا لهم سننسحب قالوا لنا انسحبوا ولكن لن نعيد لكم المال». من جانبها، قالت ديما العتيبي إنها لم تستلم شهادتها رغم مرور عام على تخرجها من مركز تدريب مشهور جدا، مشيرة إلى أن الجميع تابع ويتابع إعلاناته الضخمة في كل مكان، حتى أن القائمين عليه يظهرون كثيرا في وسائل الإعلام يطالبون المؤسسة بإنصافهم. وأضافت: حقيقة كنت أتعاطف معهم ولكن عندما عشت هذه المعاناة معهم كما عاشها كثيرات غيري عرفت أن المؤسسة محقة في وضع الضوابط، بل أتمنى التشهير بأمثال هؤلاء وفرض غرامات مالية عليهم. مراكز التدريب وبعرض ما أثارته المتدربات من تساؤلات على عدد من مراكز التدريب والمعاهد رفض المسؤولون عنها التحدث، مؤكدين أن كلام المتدربات غير صحيح على الإطلاق وأنهن بررن فشلهن بالهجوم على المعاهد والمراكز، ورموا الكرة في ملعب المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني واتهموها بأنها هي من تتأخر في إرسال الشهادات. مؤسسة التدريب «عكاظ» نقلت معاناة المتدربات والخريجات وتساؤلاتهن إلى مدير عام التدريب الأهلي في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور مبارك بن محمد الطامي فقال: أعتقد أن مماطلة بعض منشآت ومراكز التدريب الأهلية في تسليم الشهادات إلى المتدربات هي مسألة إجرائية بين المعهد والمتدربة، وأعتقد أيضا أن ذلك يتعلق بالحقوق المالية للمعهد على المتدربة. وأضاف أن المؤسسة تعمل على المتابعة الفنية للتدريب ثم تجري الاختبارات التقييمية النهائية ونشر النتائج في نهاية كل برنامج تدريبي، ومن ثم تقوم المعاهد بطباعة الشهادات وإرسالها إلى المؤسسة لاعتمادها، وهذه الإجراءات لا تحتاج إلى أكثر من يوم أو يومين حيث تعاد تلك الشهادات المعتمدة إلى المعاهد لتسليمها إلى المتدربات. ولكن إذا حصل تأخير في التسليم فإن ذلك قد يكون ناتجا عن أن المتدربة لم تدفع الرسوم للمعهد، وإذا كان هذا السبب فمن الطبيعي ألا تتدخل المؤسسة في ذلك لأنها قضية حقوقية مالية تعاقدية بين الطرفين، وهنا ليس واردا أن تجبر المؤسسة منشآت التدريب الأهلية على تسليم شهادات المتدربات دون حصول المعاهد على حقوقها المالية بموجب العقود بين الطرفين. وحول مطالبة المتدربة باسترداد ما دفعته لمنشأة التدريب الأهلية نظير تأخر الأخيرة في تسليم الشهادة قال إن ذلك يخضع للبنود التعاقدية بين الطرفين وتنظره الجهات القضائية والتنفيذية المختصة، أما دور المؤسسة فينصب على نظامية وجودة التدريب ونظامية تسجيل المتدربة وإنهائها البرنامج التدريبي ومدى استحقاقها لدخول الاختبار الشامل. وعن ما اشتكت منه بعض المتدربات حول تغيير المدربات خلال الفصل قال إنها مسألة فنية بحتة، موضحا أن المؤسسة تعتمد المدربة بناء على المؤهل والخبرة ونظامية العمل بالنسبة إلى غير المواطنات، والمعاهد ترفع جداولها التدريبية في بداية كل فترة تدريبية ويتم متابعتها على هذا الأساس، ولم نجد أن تغيير المدربات أثناء فترة التدريب ظاهرة واضحة، لكنها قد تحدث لأسباب تتعلق بانقطاع إحدى المدربات أو لظروف موقتة. وردا على سؤال حول ما أثير عن مسألة عدم اعتراف بعض الجهات الحكومية بالشهادات بعد مضي مدة معينة عليها قال إنه أمر يخص تلك الجهات الموظفة، وهو غالبا خمس سنوات حسب أنظمة وزارة الخدمة المدنية.