يوجد في الفكر الإنساني أكثر من تطبيق لمبدأ العصيان المدني. إذا عدنا مثلا إلى التراث العربي، فسوف نجد لفكرة العصيان المدني تطبيقها الجاهلي إبان حياة الشاعر عروة بن الورد، لأن عروة لم يكن شاعرا فحسب وإنما عاش حياته ثائرا متمردا من أجل الجياع والمظلومين والمهمشين أيضا وإلى جانب ذلك توجد بعض النوافذ الفكرية التي أدركها ذات مرة أحد القضاة الفرنسيين في العصور الوسطى أو ربما بعد لأنه من الواضح أن هنري ديفيد ثورو قرأ نظرية «العبودية الاختيارية». كان هنري ثورو رجلا مثقفا ولاحقا قرأ نظرية القاضي أتين لابوتي، إذ كتب الأخير حول «العبودية الاختيارية» منذ القرون الوسطى قائلا «الطغاة يحصلون على القوة لأن الناس ببساطة يمنحونها لهم. تطورت أفكار لابوتين ولاحقا خرج التيار الفوضوي من معطف لابوتين نفسه ممثلا في الفوضوية الأوربية، وأما الفيلسوف الأمريكي ثورو فقد اقتبس أفكار القاضي لابوتين وتمكن من بلورتها في صيغة فوضى بناءة وسجالات فكرية تحريضية ضد الحكومات غير الصالحة بوصفها «مؤسسات جباية». اعتبر ثورو في مقاله العابر للقارات ومن خلال ممارساته أيضا أن دفع الضرائب للحكومة معناه إقرار بالعبودية للحكومة الأمريكية وفي الوقت نفسه تأييد الفرد لممارسة الحكومة سياسات غير صالحة.. ومع ذلك تبقى الحقيقة أن الفيلسوف هنري ثورو وضع أولى تطبيقات «العصيان المدني» بوصفه ممارسة تؤدي من خلال نبذ العنف إلى تعزيز التغيير الاجتماعي عبر صيغ الاحتجاج الأبيض برفضه المسبق على إراقة الدماء. ومع ذلك لا يوجد لدينا شاهد تاريخي على أن الفيلسوف الأمريكي استخدم عبارة «العصيان المدني»، لأن العبارة نفسها كانت مصطلحا اشتعل في الذاكرة الأمريكية من خلال مراجعات نقدية بعد وفاته بحوالي أربع سنوات، وأما تطبيقاتها الأخرى فقد راجت في الهند وأمريكا وجنوب أفريقيا ولاحقا في بعض دول العالم العربي كما نرى ونشهد ونتفرج أيضا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة