القليل من الناس، خارج مراكز الأبحاث، لا يذكرون مقالا قديما جدا ظهر في الصحافة الأمريكية قبل حوالى مائة وخمسين عاما على وجه التحديد، وعندما مات كاتب المقال لم يكن يعرف أن النقاد وضعوا للمقال عنوان «العصيان المدني». الآن أسترجع القليل من أفكاري حول نظرية «العصيان المدني» وهي من بنات أفكار الفيلسوف الأمريكي هنري ديفيد ثورو الآيل وفاته ذات مايو من عام 1862. لم تصدر «العصيان المدني» قبل مائة وخمسين سنة في هيئة كتاب. فقد كانت مجرد مقال فلسفي بطابع أدبي ثوري وبنزعة فردية لنفس المؤلف ثورو، إذ كتب من قبل مؤلفه الأكثر شهرة والمعروف تحت عنوان: «والدن»، أي الحياة في رحاب الغابة. ومن بعد أو ربما من قبل وهو الصحيح طرح كتابين هما «أسبوع فوق نهر الكونكورد» و «ميرماك». لكن مقالته بتناولات «العصيان المدني»، والتي جرى نشرها بعد وفاته تعتبر ولا تزال حدثا ثوريا مهما .. كان الفيلسوف ثورو أول مفكر أمريكي يحرض العامة على العمل بأسلوب «العصيان المدني»، وهدفه من وراء ذلك كما أعلن قبل وفاته «انتزاع الحقوق ورفض الظلم»، مؤكدا على هذا الشعار من خلال رفضه الفردي دفع الضرائب إلى الحكومة الأمريكية لتمويل مشاريعها الحربية في المكسيك. ولزمن بعيد جدا تطورت مقالته إلى كتاب صغير الحجم أشعل عشرات الثورات حول العالم في أمريكا ومن قبل في الهند ومن بعد ذلك في جنوب أفريقيا، وقد أسقطت أفكاره ومواقفه ورؤاه «الاستعمار الإنجليزي» في الهند وحكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ناهيك عن كونه المسؤول الفكري الأول لممارسات الزعيم الأمريكي الأسود مارتن لوثر كنج في الستينيات من القرن الماضي. إنه المسؤول الأول عن تحرير العبيد في أمريكا من خلال حضوره بوراثة أفريقية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة