المسرح، والموسيقى، وبقية الفنون البصرية هي جدار المواجهة الثقافية المحلية، بمعنى أن أخطر أنواع الاحتلال هو الاستلاب الثقافي، وهو غير الأثر والتأثير، ولكي نتقي هذا الاستلاب علينا أن ننظر مليا في قوة سلاح الفن الذي نملكه في المواجهة العالمية اليوم، فانفجار البصريات، ونقلها بهذا الكم يغير الكثير، ويقنع بالكثير، والتفاتنا للفن لا يأتي بدعم المسلسلات الملهية الفارغة من المضمون، والمسرحيات الهابطة التي تعتمد التهريج (لاحظ التهريج ليس هو الإضحاك)، بينما العالم يعلب لنا مع الفيلم، والمسرحية، والأغنية مضامين ثقافته وقيما لا نريدها جاء من نقص المنتج المحلي، أو سوء هذا المنتج وفراغه من المضمون والقيم. ولكي أوضح الفكرة للبعيدين عن المجال، يتميز الإبداع الفني في الفنون الأدائية بأنه إيحاء من خلال حوار غير مباشر، أو جدلي، أو وعظي، يشارك الفكرة مع الغير بدون صدام، فلا يصرخ، ولا ينفعل، ولكنه يخلق معنى بيننا، وبين الآخر، وأيضا بين الإنسان، ونفسه، أو كما يقول الناس في اعترافهم (قلت لنفسي) أي الحوار الداخلي للإنسان، وهو ما يخلق فرص الفهم لأنفسنا، وللآخر، ينظم هذا الصراع صراعان متوازيان: أولهما صراع داخلي هو صراع الإنسان مع نفسه ليميز أن الآخر قد يكون على حق، فيقل التطرف، ويبدأ القبول للآخر وفكره بصيغ معدة. والثاني صراع خارجي مع الآخر، وهذه هي لعبة الفن في المواجهة على كل مستوى، محلي، أو عربي، أو عالمي والفارق تشارك المضامين، والقيم، والإيحاء بها، وليس قولها. منذ سنين كنا ندعو إلى تنمية الفنون الجيدة، وتفعيل أنواع الفن الراقي لتحريك الفكر الذي يتميز عمل الفن في توجهه إلى اللا شعور لأنه الأسلوب الأمثل لنقل القيم بما يفوق الوعظ المباشر الذي لا يسمع منه الناس إلا ما يريدون. المشكلة الأهم التي أشرت لها في المقدمة هي أن المسؤول الإداري في أي قطاع يتبنى النشاط الفني بأنواعه، لا يفرق بين الغث والسمين، ولا يفرق بين روح الفن وجسده، وهذه الأمور لا يعرفها إلا المختصون، ولذلك نقول إن أي خطة إدارية للفن يجب أن تعطى لفنانين عارفين بالغث، والسمين، والمحترفين، والدجالين بالفن، وليس لرجال إدارة لم يمارسوا الفن، ولم يعرفوا أسراره وقيمه. نسياننا لرسالة الفن النافذة للعقول والقلوب هو نقص القادرين على التمام، وإذا كانت التقاليد تضع في الفن المحرمات، ففي الطعام، والشراب محرمات، ولكن يؤخذ حلاله ويترك حرامه، فهل نمتنع عن أكل الطيبات من الطعام والشراب لأن من الأطعمة لحم خنزير، وذبح لغير الله وخمر محرم، من هذا بإمكاننا نأخذ حلال الفن ونترك ما شكل علينا أمره. إننا بخسارتنا للفنون البصرية، والسمعية الحية نخسر مواجهتنا الثقافية، ونجلس متلقين لثقافة العالم، وهنا أهيب بوزارة الثقافة والإعلام إلى تفعيل خطة التنمية الثقافية التي توقفت في أدراج الوزارة ما يقارب ثماني سنوات، ومر عليها ثلاثة وزراء كرام فنحن بحاجة للفن من أجل البقاء. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة