تثير الأرقام المعلنة عن تقديم قرابة مليوني فتاة وشاب طلباتهم من أجل الحصول على إعانة البطالة المقدرة بألفي ريال لمدة عام، تساؤلات عديدة في أوساط المجتمع، لا سيما الاقتصادية والاجتماعية عن دلالات هذا الرقم، الذي شكل مفاجأة للكثيرين في ظل الأرقام الرسمية التي تقدر أعداد العاطلين بحوالي 500 ألف عاطل فقط . وبغض النظر عن دقة هذا الرقم من عدمه، والفحص الدقيق الذي سيتم من خلاله كشف عشرات الآلاف الذين لا يستحقون الإعانة لسبب أو لآخر مثل وجودهم على رأس العمل، فإن المشكلة في وجهها الأول تشير إلى عمق مشكلة البطالة التي تعود إلى قرابة 20 عاما إلى الوراء، عندما بدأ القطاع الخاص يتهرب من توظيف السعوديين ويسرف في الاستقدام حتى بات عدد الوافدين حاليا قرابة ثمانية ملايين وافد من 100 جنسية على الأقل. كما تشير المشكلة من جهة أخرى إلى عدم وجود أية قاعدة بيانات صحيحة لدى وزارتي العمل أو التخطيط عن أعداد الداخلين إلى سوق العمل سنويا، على الرغم من سهولة احتساب أعداد الخريجين من الجامعات والمعاهد التقنية، خاصة أن أعداد المقبولين سنويا بات يقارب ربع مليون طالب وطالبة، كما تشير هذه الحالة إلى أن المواجهة مع المشكلة على الصعيد الرسمي لم تكن جادة بما فيه الكفاية، ففي حين كانت وزارة العمل تتشبث بالأرقام المعلنة عن نسبة البطالة عبر وزارة الاقتصاد والتخطيط، وهي عشرة في المائة كانت المشكلة على الأرض أكثر عمقا وتفاقما بكثير، ولم تفلح محاولات الوزارة ولا خططها المختلفة في التصدي لها. وفي ظل محدودية العاملين السعوديين في القطاع الخاص حاليا الذين لا تزيد أعدادهم على 800 ألف شخص، يبقى السؤال ملحا هل الجهات المعنية وضعت في حسبانها أن كلفة هذه الإعانة ستصل وفقا لهذا الرقم إلى أربعة مليارات ريال شهريا؛ أي 48 مليار ريال في العام تمثل عشرة في المائة من ميزانية الدولة. لكن الدلالة الأهم في اعتقادي التي لم أكن أتمنى أن أراها في شبابنا على الإطلاق هي ركون بعضهم إلى الكسل، وبحثهم عن الحصول على إعانة مقطوعة لمدة عام فقط بأية وسيلة حتى لو تقدموا باستقالتهم من العمل الذي يمكن أن يحققوا فيه ذواتهم، وهم لا يدركون صعوبة الحصول على فرصة عمل أخرى في ما بعد.