تشير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في آخر بياناتها الإحصائية إلى أن عدد المواطنين السعوديين في إحصاء عام 1431 ه ، بلغ 18707576 مواطناً سعودياً ، وأن معدل البطالة بين السعوديين عام 2009 بلغ 10,5 % ، أي أن عدد العاطلين 1964295 مواطنا سعوديا وهو العدد التقريبي الذي تقدم للحصول على حافز. ولكم أن تتصوروا بلادا مثل بلادنا عدد مواطنيها قرابة التسعة عشر مليون مواطن فيهم مليونا عاطل عن العمل، وكثير منهم مؤهلون للسوق أو قابلون للتأهيل بشيء من الصبر والمثابرة. عندما تقوم بزيارة غير مرغوب فيها لموقع وزارة التخطيط والاقتصاد لتتأمل المعلومات الواردة في التقارير الإحصائية عن البطالة تصاب بالدهشة ، فلا ذكر لها ، وأغلب إحصائيات التوظيف مذيلة بعبارة إحصائيات أولية. يجب أن نعترف بأن هذه البطالة نتيجة للتخليط وليس التخطيط ، فالحكمة تقول: إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل. في بلادنا قرابة تسعة ملايين عامل ، بلغت تحويلاتهم خلال العشر سنوات الأخيرة بحسب الإحصائية التي نشرها صندوق النقد الدولي العام الماضي 2010م ، 194 مليار دولا أي ما يتجاوز 727 مليار ريال سعودي ، ومن المتوقع بحسب تقرير الصندوق أن تبلغ التحويلات 100 مليار دولار في العام الماضي 2011م. ولا يمكن أن نستغرب هذا الرقم إذا علمنا أن هذه العمالة تسيطر على ما نسبته 87% من وظائف القطاع الخاص ، وتشكل بيئة طاردة للسعوديين. 1964295 عاطلا نتيجة لتخطيط غير مدروس ندفع ثمنه اليوم وغدا وبعد غد ، ما لم يكن هناك موقف حازم يعترف بوجود كارثة في التخطيط الاقتصادي ، ويسعى لتحويل هذه المحنة إلى منحة ، بالعمل الدؤوب وإشراك القطاع الخاص في المغرم كما تمتع بالمغنم طوال نصف قرن ، القضية اليوم قضية زحف وطنية لا يجوز التولّي يومها لأن ذلك سيكون كبيرة من الكبائر الوطنية ، ولن يقبل الجيل الجديد من أحد عذرا. هذه القضية ستكثر في الأرض الفساد. فالعنوسة وإدمان المخدرات وشيوع ثقافة العنف والتمرد بين الشباب في اطراد لا يعرف الكلل ، والأرقام مفزعة ، وكل هذا نتيجة من نتائج البطالة ، فالشباب والفراغ ما اجتمعا في بلد إلا قاداه إلى الخراب. المتدافعون على حافز مؤشر على حرارة الجسد الاجتماعي ومناعته أو مرضه ، وعلينا أن نبدأ في التفكير خارج الصندوق ، ونوجد حلولا جذرية ، فحافز كالكحال الذي أراد أن يعالج المريض فأعماه. هربت وزارات التخطيط والخدمة المدنية والمالية من حافز وألصقتها بوزارة العمل ، وبدأت الوزارة في قصقصة أجنحة القائمة الطويلة لتستبقي 700000 عاطل من سن 20- 35 عاما ، بشروط تعجيزية تذكرنا بشروط المتقدمين لوظائف القطاع الخاص وأصبح 1200000 مواطن خارج التغطية ، وتحمّل صندوق الموارد البشرية دفع الإعانة ، ونسأل الله له العون والتوفيق وعدم الإفلاس. حافز يجب أن تكون حافزا للبحث عن العمل الذي يحفظ للمواطن كرامته ، وإنسانيته ، ويضمن له العيش الكريم ، وتعويضا لأخطاء تخطيطية لا دخل له فيها ، فقد حصل الشباب على شهادات علمية ، ووجدوا أنفسهم على الرصيف ، فأين التخطيط ؟، ومن المسؤول ؟ إن وزارة التخطيط اكتفت بالتدوين والتوثيق ، وتركت الرؤية الاستشرافية ، وها هي اليوم تواجه الكارثة ، وعليها أن تكون جزءا من الحل لأنها أساس المشكلة. وإن كنا نؤمن أن الذي صنع المشكلة لا يمكن أن يكون قادرا على إيجاد الحل الصحيح لها.