تقبع المنح المخصصة لأهالي مكة في خانة الانتظار منذ 30 عاما، لتشمل قوائم الانتظار 50 ألف مواطنة ومواطن، على الرغم من الأراضي التي تمتلكها أمانة العاصمة المقدسة والتي تشكل مساحات شاسعة في مخططات منحها خادم الحرمين الشريفين قبل سنوات لذوي الدخل المحدود. ولما لهذه القضية من أولية تهم شريحة كبيرة في مكةالمكرمة، تحرك المجلس البلدي أخيرا لإماطة اللثام عن خفايا قضايا المنح المجمدة في أمانة العاصمة المقدسة. ودفع ما نشرته «عكاظ» حيال انتزاع 27 مسؤولا في مكةالمكرمة منح ذوي الدخل المحدود، المجلس إلى فتح الملف مع مسؤولي الأمانة عبر جلسة عقدت قبل يومين، طلب فيها رئيس المجلس والأعضاء من الأمانة تقديم تبريرات منطقية حول ذلك وسبب توقف المنح طيلة تلك السنوات. ورغم تقديم مسؤولي أمانة العاصمة مبررات، إلا أن المجلس ممثلا في رئيسه الدكتور عبد المحسن آل الشيخ أكد ل «عكاظ» أن هذه القضية ستأخذ دورها في الجلسات المقبلة»، لا سيما أن وضع المنح لم يشهد أي تحرك منذ عقود من الزمن، مشيرا إلى أن من أوليات المجلس بحث سبل الخروج من مشكلة المنح التي تهم شريحة كبيرة من السكان. وبين المد والجزر في قضية المنح في مكةالمكرمة، يبين ل «عكاظ» أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار أن ثمة انفراجا لهذه الأزمة التي تضعها الأمانة في هرم الأولويات، حيث كشف النقاب عن 33 ألف منحة سكنية في طور الطرح قريبا، والتي ستعجل برحيل هذه الأزمة، مؤكدا «خلال ثلاثة أشهر من الآن سنبدأ في استقبال طلبات المنح الجديدة وهناك معايير تنتهجها الأمانة في ذلك، حيث ستصل المنح للمستحقين من ذوي الدخل المحدود». وفي الوقت الذي يرتفع فيه صوت النقاش داخل أروقة أمانة العاصمة المقدسة، جاء ذلك الصوت المبحوح لمسن قضى عمره في انتظار منحة سكنية 27 عاما تحت وطأة الانتظار، مرت وعيناه ترقبان انفراج أزمة المنح لكن بريق تلك العينين خفت وخفت مع تلك السنون القاصمة لحلم عاش فصوله المختلفة، وما نكأ أوجاعه خبر انتزاع 27 مسؤولا ورجل أعمال لمنح ذوي الدخل المحدود، فتحامل على قدميه وتوكأ على عصاه وجاء إلى مكتب الصحيفة في العزيزية يرفع صوته مطالبا بالإنصاف، وكأنما كان صوته ينبع من أعماق صفحات الماضي الذي ظل فيه ورفاقه يتقاسمون الآمال في امتلاك أرض. ذلكم هو المواطن متعب الحارثي الذي قطف ورقة السبعين من عمره وهو يحلم في قطعة أرض في مكةالمكرمة ولكن حلمه لم يتحقق، يقول في روايته لمعاناته «تقدمت إلى أمانة العاصمة المقدسة بطلب منحي أرضا سكنية عام 1405ه لأتمكن من خلالها أن أشيد بيتا يضمني وأسرتي، ولكن مرت السنون وأنا أترقب يوما ما أجد فيه اسمي في قائمة المشمولين بالمنح ولكنه لم يظهر». ولم يكن ذلك الصوت المبحوح هو الصوت الوحيد في مطالبته بمنح في مكة، بل طالب كل من المواطنين عدنان الشريف، وليد القرشي وخالد باجندول ضرورة فتح تحقيقات موسعة في آليات المنح خلال السنوات العشر الأخيرة في مكةالمكرمة. وقالوا «منذ سنوات ونحن في قوائم الانتظار لم يتغير شيء، ولم نر فرجا يلوح في سماء الأمانة، بل على العكس جاءت قوائم المنح الأخيرة مثخنة بأسماء رجال الأعمال والمسؤولين وأبنائهم، ونحن خارج تلك القائمة التي ضمت ثلاثة آلاف اسم، ولعلنا نتلمس أن الأمانة بدأت في معالجة هذه القضية ولكن ذلك يحتاج إلى تمحيص كل قوائم الانتظار للوصول إلى الأسماء المستحقة». يذكر أن قوائم المنح المتعثرة في أمانة العاصمة المقدسة تجاوزت 50 ألف مواطنة ومواطن وقد تراكمت تلك القوائم في عهد الأمينين السابقين، حيث ورث أمين العاصمة الحالي تركة ثقيلة في ما يخص المنح وتعطلها منذ عقود من الزمن، وهو ما دفعه إلى محاولة تسريع البت في هذه التركة المعطلة من خلال العمل وفريقه على التسريع في منح قوائم الانتظار الحالية التي من المتوقع أن تتحرك في غضون أشهر، بعدها ستعمل الأمانة على فتح باب استقبال المنح السكنية لذوي الدخل المحدود وفق منهجية ترتكز على المعايير التي سنتها وزارة الشؤون البلدية والقروية في هذا الشأن، ولعل هذه المعالجة التي تعكف عليها أمانة العاصمة المقدسة حاليا ستكون طوق النجاة للخروج من عنق الزجاجة في هذه القضية التي تمثل هاجسا وتحديا أمام أمانة العاصمة المقدسة.