يعتمد الفن المفاهيمي على فكرة «الوسيط» أو «الوسائط» وهو حالة تحويل فكرة ما وجعلها ملموسة، وتعتمد فلسفة الفكرة لخلق انطباع أكثر عمقا في هذا الفن، كما يخلق من الفن أداة طيعة تكسر احتكار الفن في فئة الحرفيين أو المهتمين بالفن فقط، ولهذا يكون لكل شخص في هذه الحياة فنه انطلاقا من الفكرة التي تصنع له تحفته مع الاحتفاظ بالإيمان بفنية الشيء المراد تجسيده، والفنان لا يحاول أن يعيد تمثيل وضع ما، إنما يحاول أن يبني حقيقة صورية، وظهر هذا الأسلوب الفني المفاهيمي في أمريكا وأوروبا في نهاية الخمسينيات وبعدها انتشر في العديد من عواصم العالم. وفي عام 1979 أعلن جوزيف كوزوث عملا بعنوان «غرفة المعلومات»، وهو عبارة عن طاولتين، موضوع عليها مجموعة كتب، أغلبها بحوث في العلم واللغة والفلسفة ومن بينها بحوث ودراسات نقدية وفلسفية لجوزف كوزوث نفسه، وهناك عدد من الكراسي تدعو المشاهد للجلوس والقراءة. العمل الفني هنا غير موجود في طريقة وضع أو ترتيب الكتب والطاولات والكراسي، أي خارجة عن التناسق المورفولوجي أو الشكلي سواء الارتجالي أو المنظم للأشياء، ولكن العمل الفني موجود في فكرة العمل وهي «القراءة» ووضع هذه الفكرة، أي عملية القراءة في سياق الفن البصري، أي تحويل الفن البصري إلى فن ثقافي فلسفي وجودي علمي، وهذه الطبيعة أي الطبيعة المفاهيمية لهذا النوع من الفن أكثر إنسانية، ولها وظيفة اجتماعية وتعليمية، لأنها تعطي المشاهد المعلومات، وتختلف عن طبيعة الفن البصري المورفولوجي الذي يقدم شيئا جميلا أو قبيحا بصريا. الفن كما يقول جوزيف كوزوث غير موجود في الأشياء، الأشياء ثانوية، أما الفن فهو موجود في مفهوم الفنان عن العمل الفني.