هل يمكن للإنسان أن يموت من انكسار قلبه ومعاناته من الحزن الشديد؟ هذا ما تحاول الملحوظات والدراسات الطبية الإجابة عليه، ففي السنوات الأخيرة، لوحظت شكوى المتعرضين لصدمة نفسية شديدة، من أعراض تشبه إلى حد كبير الأزمة القلبية الناتجة عن جلطات الشرايين التاجية، إلا أنهم في معظم الحالات، يتعافون بشكل أسرع خلال أيام قليلة. واعتمادا على الدراسات العلمية، يمكن القول: إن اضطراب التفكير الحاد والحزن الشديد كما يحصل عند فقد الإنسان عزيزا لديه قد يؤدي ببعض الناس إلى الشعور بالتوتر الشديد وضيق التنفس، والتعرق، إضافة إلى آلام مبرحة في منتصف الصدر، تشبه آلام الذبحة الصدرية، نتيجة نشاط مفرط في النظام العصبي المتحكم في ردة الفعل ضد الخوف والتوتر، ومن ثم حدوث فيضان من هرمونات التوتر (مثل الأدرينالين)، تعمل على «صدم» عضلة القلب، وتركها في حالة من «الذهول» وتمددها بشكل مرضي حاد، لا تستطيع معه القيام بضخ الدماء إلى أعضاء الجسم بفعالية (فشل القلب). وتصيب متلازمة القلب المكسور النساء بصورة أساسية (90 في المائة من الحالات)، وبخاصة في عمر متقدم (بعد انقطاع الطمث)، وللوصول إلى التشخيص الصحيح، يضطر طبيب أمراض القلب إلى إجراء صورة موجات صوتية لعضلة القلب، إضافة إلى إجراء قسطرة تشخيصية لشرايين القلب التاجية في بعض الأحيان، للتأكد من خلوها من تضيق حرج. وعلى الرغم من خطورة هذه المتلازمة واحتمال تسببها في وفاة بعض المصابين بها، إلا أنها في أغلب الحالات لا تستدعي غير عناية طبية دقيقة لبضعة أيام، إضافة إلى طمأنة المريض بخلوه من جلطة قلبية، واستعمال أدوية مهدئة و«مضادات بيتا» لبعض الوقت، إضافة إلى دواء الأسبيرين. ومن فوائد اكتشاف هذا النوع من «الانكسار القلبي»، إدراك أهمية التوتر الحاد والتعرض للصدمات الاجتماعية والنفسية في الإصابة بأمراض القلب الحادة، مما يستدعي بالضرورة، نشر الوعي المجتمعي بأخطار التعرض للقلق المفرط، والعنف الأسري، والإساءة الجسدية والنفسية، التي تنال عددا غير قليل من النساء في كثير من المجتمعات، والاهتمام بالسلوكيات الصحية وإرشادات الصحة النفسية، للمساعدة على التعامل السليم مع عوامل الضغط العصبي أثناء الأزمات والكوارث. [email protected]