المشهد يصدم العين والمارة، فضلا عن تشويه المنظر الحضاري للمدينة وإلحاق الضرر بالبيئة. عشرات المخالفين لنظام العمل والإقامة من مختلف الجنسيات، أصبح منظرهم مألوفا بانتهاء موسم الحج والعمرة، وهم يفترشون الفضاءات الواسعة أمام المباني السكنية أو المساجد أو تحت الكباري، ولأيام وليالٍ، على أمل أن تتولى الدولة ترحيلهم إلى أوطانهم، فيما يتحول المكان من حولهم إلى غرف نوم على الهواء الطلق بما يمثله من استفزاز للأجهزة المعنية، وما يترتب على تواجدهم هناك من مخاطر أمنية واقتصادية وأخلاقية، فيما تعكس الصور التي التقطتها عدسة «عكاظ» تكدس عشرات المخالفين من الجنسية الإندونيسية حول جامع قريب من مبنى القنصلية الإندونيسية في جدة، في انتظار ترحيلهم إلى بلادهم، وقد تحول المكان الذي يقيمون فيه إلى غرف نوم في الهواء الطلق! كشف العورات فعلى صعيد مجتمعي، أشار بعض المصلين إلى خطورة بقاء هؤلاء أمام المساجد خاصة النساء اللائي قد يتعرضن في بعض الأحيان إلى كشف عوراتهن، مطالبين بضرورة نقلهم من المكان وتمكينهم من استخدام دورات المياه في أمان بعد أن تحولت إلى دورات مختلطة للجنسين، بينما ذكر عبد الرحمن (عامل في إحدى البقالات) أنه تضرر من وجود هؤلاء وانخفاض قيمة موارده اليومية، نتيجة جلوسهم أمام المحل في ظل خشية البعض من الاقتراب منهم. فيما حذرت الاختصاصية النفسية في مستشفى الملك فهد خديحة الحارثي من خطورة تحول المخالفين لأنظمة الإقامة، والذين يفترشون الشارع إلى عدوانيين، نتيجة شعورهم بالنقص وعدم اهتمام المجتمع بهم، وأنهم يعيشون في العراء فيما يعيش غيرهم في بيوت مكيفة وفي أجواء مريحة، مشددة على ضرورة معالجة هذه الظاهرة معالجة علمية قبل أن يصل هؤلاء إلى مرحلة ينقلبون فيها على أنفسهم، وينتقمون من الآخرين، خاصة أن كثيرا من الحوادث الأمنية التي نسمع عنها مرتكبوها من الوافدين المخالفين لأنظمة الإقامة. ووصف مدير الخدمة الاجتماعية في مستشفى الملك فهد في جدة طلال الناشري تكدس بعض الجاليات في الشوارع، والنوم في الطرقات بالظاهرة غير المرغوب بها، في كل بلاد العالم التي تحرص على القضاء على مثل هذه الظواهر المسيئة لمجتمعاتها، والتي تشير إلى عدم تحضر المجتمع، مشددا على أن ظاهرة افتراش جاليات مخالفة لأنظمة الإقامة في شوارع وطرقات مدننا يجب أن تختفي لما لها من انعكاسات سلبية خطيرة على المجتمع أمنيا واجتماعيا ونفسيا وبيئيا، داعيا لتضافر جميع الجهود للقضاء عليها. وعن المخاطر الصحية المترتبة على ظاهرة التخلف، أشار مدير مستشفى الثغر في جدة الدكتور محمد باجبير إلى خطورة الموقف، خاصة مع تقلبات الجو، وما تعانيه جدة من بقاء مستنقعات مائية بسبب أمطار الأربعاء، ما قد يعرض هؤلاء للإجهاد الحراري، وسبق أن سجلت هذه الحالات في وقت سابق، سواء لمخالفين كانوا يتوسدون كبري الستين أو كوبري غليل، موضحا أن المستشفى وحسب التعليمات يستقبل أية حالة مرضية تحتاج إلى علاج ومتابعة، ويقدم لها الإسعافات الأولية بعدها ينسق مع الجهات المختصة لمتابعة حالة المريض. ظاهرة غير حضارية إلى ذلك، أكد مدير شرطة حائل سابقا اللواء الدكتور حمود القثامي أن هذه الظاهرة لن تعالج ما لم تستشعر كل دولة بأهمية توعية مواطنيها قبل مجيئهم إلى المملكة، وإيجاد الضوابط الكفيلة بعدم تخلفهم في المملكة، فما يحدث من تخلف للجنسيات بعد انتهاء مدة إقامتهم في المملكة أمر غير مقبول، وهذه الظاهرة لن تحل إلا إذا طبقنا العقوبات بشكل قوي، مثلما يحدث في الدول الأخرى التي يتعرض المخالف فيها لنظام الإقامة لعقوبة السجن والغرامة المالية، وأحيانا منعه من العودة ثانية إلى البلد، لافتا إلى أننا بحاجة لتطبيق هذه الأنظمة، وأن كل مواطن يتحمل جزءا من مسؤولية ما يحدث من خلال تأجيره وتشغيله لمخالفي الإقامة والعمل في المملكة. الجوازات والمخالفون وأوضح مدير جوازات منطقة مكةالمكرمة العميد سالم الزهراني أنه متى تأكد للجوازات أن الشخص المقبوض عليه أو الذي راجعها من تلقاء نفسه، وليست عليه أية ملاحظة تمنع عودته إلى وطنه، تقدم له كافة التسهيلات والخدمات وتنهى إجراءات سفره فورا ودون إبطاء، لافتا إلى أن الجوازات تتحرك وفقا لإجراءات وتعليمات من وزارة الداخلية، وهي باعتبارها من أكثر الجهات حرصا على خدمة المعتمرين والحجاج والزائرين، والوصول إلى كافة أفراد المجتمع أينما كانوا تسهيلا لهم للاستفادة من خدماتها، نافيا ما يدعيه البعض من عدم تعاملهم مع من يسلم نفسه طلبا للعودة إلى وطنه، ومشددا على ضرورة تعاون الجميع للقضاء على ظاهرة التخلف وعودة الجميع بعد انتهاء مدة إقامتهم. ولفت الزهراني إلى اكتشافهم لبعض الحالات لأشخاص ادعوا انتماءهم إلى جنسية غير جنسيتهم، مطالبا الجميع بالتعاون في سبيل القضاء على ظاهرة التخلف. دوريات سرية وأكد المتحدث الإعلامي في شرطة جدة العقيد مسفر الجعيد حرصهم على استتباب الأمن في كل أنحاء المحافظة، من خلال الدوريات المنتشرة ومنها الدوريات السرية عبر خطط مرسومة، موضحا وجود تنسيق مع القنصليات والجهات ذات العلاقة لتأمين وانتشار الأمن في شوارع المحافظة، وداعيا المواطن لاستشعار دوره في المجتمع من خلال عدم تأجير مسكنه إلا لمن يحمل إقامة نظامية وعدم الاستعانة بمخالفي نظام الإقامة في إنجاز بعض الأعمال. طائرات العودة وفي ذات السياق، عبر فوزي حسني من القنصلية الإندونيسية عن تقديره لدور الجوازات وكافة الأجهزة الحكومية في تعاملها مع الجالية الاندونيسية، مؤكدا حرص بلاده على توفير بعض الطائرات لعودة رعاياها. وأعلن حسني عن قرب انتهاء ظاهرة افتراش الجالية الإندونيسية في الشوارع القريبة من القنصلية خلال الأيام القريبة، فيما ستختفي الظاهرة بصفة نهائية عند انتهائهم من التوقيع مع إدارة وقف الملك عبد العزيز للعين العزيزية في تسكين الجالية الإندونيسية في مبنى حجاج البحر. وقف العين العزيزية وإلى ذلك، أوضح مصدر في إدارة وقف الملك عبد العزيز للعين العزيزية أنه تم توقيع عقود تسكين للجاليات المصرية والسريلانكية والسودانية والفلبينية لحين انتهاء إجراءات سفر رعاياهم، مقابل تأمين السكن والإعاشة لكل فرد يسكن داخل مدينة حجاج البحر، مشيرا إلى المفاوضات الجارية حاليا مع المسؤولين في القنصلية الإندونيسية للانضمام لهذه الجنسيات في تسكين رعاياها في مدينة حجاج البحر القريبة من ميناء جدة الإسلامي، ومتابعة أحوالهم في نفس الوقت، ومعرفة من عاد منهم إلى بلاده ومن تخلف عن العودة.