تعمل لجنة مختصة في المنطقة الصناعية في جدة على كشف أية حالات تلاعب واحتيال يعمد إليها أشخاص، بغية الحصول على تقارير تثبت تضرر سياراتهم من أجل الحصول على تعويضات مالية. ويترأس اللجنة شيخ طائفة الورش كمال العيتاني ضمن فريق يضم فنيين لمعاينة المركبات وتحديد الأضرار. وينتهج الفريق أسلوب فحص كامل المركبة وتتبع مواقع الخلل، وما إذا كانت الأضرار تعود إلى سيول جدة أو خلاف ذلك، ويتم الكشف وإعطاء التقديرات دون مقابل بعد أن تنازلت الورش عن المبالغ المالية تجاوبا مع طرح رئيس الطائفة. ويتم الفحص عن طريق رفع المركبات وتمرير أجهزة تقنية لتحديد الضرر في المقاعد والجسم الخارجي. ويعمل فريق من شرطة جدة ورئيس طائفة الورش على تتبع أي ورش تحاول استغلال الكارثة بوضع تكاليف غير صحيحة أو الإدعاء بإصلاحات لم تحدث، ما استدعى تشكيل فريق يستقبل الشكاوى في مركز شرطة الصفا بقيادة العقيد حمود الجريسي، من خلال تخصيص أفراد يتابعون التنسيق مع رئيس طائفة الورش ويتم الكشف على المركبة والتأكد من الإصلاحات والقطع التي تم استبدالها، وفي حال المغالاة يتم كشف ذلك وتقدير التكاليف الصحيحة التي تعتمد في مركز شرطة الصفا ويتحصل عليها صاحب الورشة، وهو ما منع أية حالات تلاعب من أصحاب الورش. وبالعودة إلى رئيس طائفة الورش كمال العيتاني، يؤكد ل«عكاظ» البدء في التقديرات بالتنسيق مع مديرية الدفاع المدني، وأشار العيتاني إلى أن السيارات التي تم تقدير أضرارها وكلفة إصلاحها خلال الأيام الأربعة الماضية تجاوزت ال200 سيارة بمساعدة عدد من المتخصصين من المهندسين السعوديين القادرين على تحديد نوعية الضرر وقيمة إصلاحه. وعن الحالات المدعية التي تحاول استغلال الوضع للدخول في قائمة المتضررين، قال إنهم اكتشفوا أكثر من 20 حالة تقريبا قدموا إلى مواقع تقدير الحالات بعد تعبئة مكائن سياراتهم والمقاعد الداخلية بالطين والوحل، والبعض الآخر يأتي بصورة فوتوغرافية للسيارة مدعيا عدم قدرته على سحبها، ولكن الكشف الدقيق للمهندسين كشف تلاعبهم وتم رفض طلبهم مع مطالبة من أحضر الصور بضرورة إحضار السيارة كشرط أساسي للتقدير. قصص مع المطر «لن أنسى ما حييت وجه سائق التريلا الذي ترك عمله وتفرغ لإنقاذ العالقين في شارع بني مالك، فقد ساهم بعد الله في إخراجي من سيارتي بعد أن شارفت على الهلاك». بهذه الكلمات التي تقطر خوفا، تذكر خالد عثمان أحد أصحاب السيارات المتضررة والذي حضر إلى مقر رئاسة طائفة صيانة السيارات لتقدير وضع سيارته المغمورة بالوحل. يضيف خالد «خرجت من عملي في المطار القديم في منتصف المطر تقريبا وقررت أن أجازف خوفا من السيول لعلي أصل إلى منزلي سريعا، ولكن فور وصولي إلى أحد الشوارع الرئيسة فوجئت بمياه السيول المتدفقة التي تزيد ارتفاعاتها على قدرات سيارتي، وعندما دخلت المياه إلى السيارة اضطررت إلى الهروب لسقفها سريعا وحاولت أن أقطع السيل مشيا ولكني خشيت من السقوط فيه». ويواصل حديثه «اضطررت للمكوث ما يقارب الربع ساعة متضرعا إلى الله أن يخف السيل، وكنت مترددا بين النزول أو البقاء ومن حسن حظي أنني رأيت أحد سائقي التريلات الذي أخذ يجوب الطريق رغم ارتفاع المياه بحثا عن المحتجزين، وما إن لمحني حتى اتجه إلي وهو يحمل على ظهر سيارته عدة أشخاص وقفزت معه وشكرته سريعا وكان واضحا من ملامحه بأنه من الجنسية الباكستانية أو الهندية، وما إن أنزلني في مكان آمن إلا وذهبت سريعا إلى منزلي في حي السامر وعندما تأكدت من سلامة أسرتي عدت إلى نفس الموقع لعلي التقي ذلك السائق ولكنني لم أجده للأسف، وقد أخبرني بعض الموجودين هناك أنه أنقذ العشرات بسيارته وغادر بعد أن تأكد أن الشارع لم يعد فيه متضررون». ويشرح خالد معاناتهم بعد السيول ويقول «للأسف أن البعض استغل تعرض الآلاف من السيارات لرفع الأسعار وخصوصا من سائقي السطحات التي وصلت أسعارها إلى ما يقارب ال500 ريال مقابل مشوار لا يتجاوز ربع الساعة، في حين أن الأنظمة مثلما سمعت حددت أسعارها ب100ريال داخل المدينة وعندما تطلب منهم الالتزام بالنظام يخيرون مالك السيارة بين الموافقة على السعر أو البحث عن غيره فنضطر إلى الموافقة». رحلة الإنقاذ عبد الله القرني (أحد المتضررين) كاد أن يذهب ضحية للسيول بعد أن غادر منزله بحثا عن شقيقته وزوجها ويقول «أسكن في إسكان الأمير فواز الجنوبي، وفي يوم المطر وبعد العصر تقريبا اتصلت شقيقتي بوالدتي وهي تستغيث وتقول إنهم عالقون وسط السيول بالقرب من شارع فلسطين وانقطع الخط، وانتبهت لبكاء والدتي التي ما إن قالت لي القصة إلا وذهبت مسرعا وسط رجاءاتها أن أنتظر حتى لا تفقد اثنين من أبنائها». ويواصل القرني حديثه قائلا «غادرت وأنا أتذكر تنبيهات الدفاع المدني بالمكوث في المنزل، ولكن لخوفي على شقيقتي وزوجها ذهبت إلى هناك وحاولت الوصول إليهما عبر طريق الستين ودخلت إلى هناك ولكنني علقت في إحدى الحفر التي غمرت مياه سيارتي بالأمطار». ويضيف: حاولت المغادرة، وعندما نزلت من السيارة اكتشفت وصول مياه السيول إلى صدري تقريبا وخفت وصعدت فوق السيارة منتظرا المنقذين مع زيادة المياه، وحاولت الاتصال ولكن كانت كل الخطوط الهاتفية معطلة حتى هب لنجدتي بعض شباب الحي بالحبال بعد أن ربطوها في أحد الأعمدة واقتربوا مني وانتشلوني واستضافوني لديهم حتى زال الخطر، وعندما عدت إلى منزلي بعد منتصف الليل تقريبا وجدت أمامي شقيقتي وقد أنقذتها طائرة الدفاع المدني ولله الحمد. ويتفق القرني مع حديث عثمان حول مغالاة السطحات المخصصة لنقل السيارات المتعطلة في الأسعار وقال: يأخذون مبالغ عالية دون وجه حق ولا بد من وضع حد للأسعار غير المعقولة التي تصل إلى 700 ريال تقريبا إذا كان المشوار من جنوبيجدة إلى شماليها. هروب إلى السيل ويلتقط سامي الشمراني طرف الحديث ويقول: أكبر خطأ ارتكبته أن غادرت مقر عملي إلى منزلي، ولو مكثت حتى المساء لما تعرضت سيارتي للخراب كما ترى أمامك. ويواصل: غادرت من عملي في جنوبجدة وقررت أن أذهب باتجاه طريق المدينة وعند وصولي إلى تقاطع فلسطين اكتشفت إغلاقه وقررت الاتجاه إلى الشوارع القريبة من حي بني مالك، وهناك فوجئت بمياه الأمطار تحاصرني من كل مكان فهربت إلى أعلى السيارة وانتظرت، وزاد المطر والسيل وانتظرت في الخوف والمطر، وبدأت السيول تحرك سيارتي حتى حضرت إلي إحدى سيارات الدفاع المدني التي انتشلتني من سيارتي وعدت إلى منزلي في وقت متأخر.