لم يكدْ يتوقف سيلان غيوم السماء في مدينة جدة (غرب السعودية)، حتى هم تجار لالتهام أكبر مقدار ممكن من أموال المتضررين ورفع الأسعار في الغذاء وورش إصلاح السيارات وسواها. فسالم سعيد الذي خسر سيارته وهي من طراز «كامري» موديل 2009 التي كان يستقلّها خلف عمائر إسكان الشرفية أثناء هطول أمطار «الأربعاء المشؤوم»، يقول: «نجوت بأعجوبة لكن المطر أتلف أجزاء كبيرة من السيارة، وعندما عدت إليها في اليوم التالي وجدت عليها ملصقاً من متجر ل «تشليح السيارات» (تفكيك السيارات لبيعها قطعاً) اتصلت بهم لأسأل عن السعر فحضر إلي مندوب ودفع لي 3 آلاف ريال» (نحو 800 دولار). ويضيف:» طبعاً لا أستطيع إصلاح السيارة، لكن السعر الذي دفعه التاجر قليل جداً وهو استغلال للظرف الذي أنا فيه وليس لدي سوى أن أسحبها الى بيتي أو أستسلم». وعندما أراد حسين المالكي سحب سيارته التي جرفها السيل في حي التوفيق، صُدم بأسعار أصحاب سحب السيارات. ويقول: «تفاوض معي عدد كبير من أصحاب الونشات على أسعار غير معقولة، وأقل سعر حصلت عليه من أحدهم هو 500 ريال (نحو 150 دولاراً)، وهذا مبلغ كبير وأنا أعاني من أضرار في المنزل والأثاث». سأل: «أين أمانة جدة والمرور لينقذنا مما نحن فيه؟». ومن كان يشاهد الميكانيكي محمد عدنان صاحب ورشة إصلاح سيارات يجلس على باب ورشته في الصناعية قبل سقوط الأمطار علّ أحداً يزوره ليصلح له سياراته ولو بمقدار يسير من المال، سيجده اليوم يرفض استقبال أي سيارة إلاَّ بعد مساومة صاحبها على السعر الذي يكلّف أضعاف إصلاحها. فورشته الآن تحتضن أنواعاً عدة من السيارات التي غرقت في الشوارع وأتلفت أجزاء كبيرة منها. ولم تخل مغاسل السيارات هي الأخرى من استغلال ظروف الناس، فرفعت أسعارها أيضاً وسببت صدمة موازية لما سبق. ويقول سعيد عجمان أحد سكان حي السامر: «الحمد لله أن سيارتي نجت من مياه السيول، لكن عندما هممت بتنظيف ما علق بها في أحد المغاسل فاجأني السعر المطلوب. فالسيارة الصغيرة لا يتم غسلها إلا ب 100 ريال (25 دولاراً) والكبيرة ب 150 ريالاً (نحو 35 دولاراً) وهذا كثير جداً واستغلال واضح ولا يوجد من يراقبهم أو يتابع ما يحدث على صدر الواقع في ارتفاع الأسعار». ولم يستطع كثيرون أصحاب مطاعم الرز البخاري رؤية الآخرين وهم يقتسمون أموال الناس، فرفعوا بدورهم الوجبات إلى 30 ريالاً (نحو 8 دولارات). محمد القحطاني أحد المتضررين يقول: «دخلت مياه السيل إلى شقتي وأتلفت الأثاث. وأنا أسكن في شقة مفروشة وليس لنا إلا شراء الطعام من المطاعم حتى تنفرج الأزمة، لكنني لا أعرف لماذا ارتفع سعر الوجبة إلى 30 ريالاً ولماذا يستغل ضعاف النفوس ظروف المتضررين بدلاً من مساعدتهم».