لم يكدْ يتوقف هبوط الأمطار في مدينة جدة حتى انسال لعاب التجار «الجشعين» لالتهام أكبر قدر ممكن من أموال المتضررين ورفع أسعار الغذاء، كما زادت ورش إصلاح السيارات وغيرها أسعارها. وقال المواطن سالم سعيد، إنه خسر سيارته الكامري التي كان يستقلّها خلف عمارات إسكان الشرفية أثناء سقوط أمطار يوم الأربعاء «المشؤوم: «نجوت بأعجوبة من المياه، لكن المطر أتلف أجزاء كبيرة من السيارة، وعندما عدت إليها في اليوم التالي وجدت عليها ملصقاً من متجر تشليح السيارات، وعندما اتصلت بهم لأسأل عن السعر حضر إلي المندوب وعرض علي 3000 آلاف ريال». ويضيف: «طبعاً السيارة لا أستطيع إصلاحها، لكن السعر الذي دفعه التاجر قليل جداً وهو استغلال للظرف الذي أنا فيه، وليس لدي سوى أن أسحبها إلى بيتي أو أستسلم لمافيا التشاليح». وعندما وجد المواطن حسين المالكي سيارته وقد جرفها السيل في حي التوفيق وأراد سحبها اصطدم بأسعار أصحاب سحب السيارات: «تفاوض معي عدد كبير من أصحاب الونشات بأسعار غير معقولة، فأقل سعر حصلت عليه من أحدهم كان 500 ريال، وهذا مبلغ كبير، وأنا أعاني من أضرار في أثاث المنزل بعد دخول المياه إليه»، وتساءل: «أين أمانة جدة والمرور لينقذنا مما نحن فيه؟». ومن كان يشاهد الميكانيكي محمد عدنان صاحب ورشة إصلاح سيارات يجلس على باب ورشته في الصناعية قبل سقوط الأمطار على جدة علّ أحداً يزوره ليصلح له سيارته ولو بقدر يسير من المال، سيجده اليوم يرفض استقبال أي سيارة إلا بعد مساومة صاحبها على السعر الذي يكلّف أضعاف إصلاحها، وورشته الآن تعج بأنواع عدة من السيارات التي غرقت في شوارع جدة وأُتلفت أجزاء كبيرة منها. ولم تخلُ مغاسل السيارات هي الأخرى من استغلال ظروف الناس فرفعت أسعارها أيضاً، وسببت صدمة موازية لما سبق. يقول سعيد عجمان أحد سكان حي السامر: «الحمد لله سيارتي نجت من مياه السيول، لكن عندما هممت بتنظيف ما علق بها في أحد المغاسل فاجأني السعر المطلوب فالسيارة الصغيرة لا يتم غسلها إلا ب100 ريال والكبيرة ب150 ريالاً، وهذا كثير جداً واستغلالهم واضح، ولا يوجد من يراقبهم أو يتابع ما يحدث في الواقع». وفي المقابل، لم يستطع أصحاب مطاعم الرز البخاري رؤية الآخرين وهم يقتسمون أموال الناس لوحدهم فرفعوا بدورهم الوجبات إلى 30 ريالاً، ويقول المواطن محمد القحطاني أحد المتضررين من السيول: «دخلت مياه السيل شقتي وأتلفت الأثاث وأنا أسكن في شقة مفروشة وليس لنا إلا شراء الطعام من المطاعم حتى تنفرِج الأزمة، لكني لا أعرف لماذا ازداد سعر الوجبة إلى 30 ريالاً، ولماذا يستغل ضعاف النفوس ظروف المتضررين بدلاً من مساعدتهم». وتساءل ما الذي يحدث الآن في جدة؟ فالناس لم تفقْ بعد من صفعات الأمطار المتتالية، حتى كشَّر التجار عن أنيابهم، واستغلوا ظروف المتضررين، وأشعلوا الأسعار كلٌ في تخصصه، وغاب المراقب والمحاسب، والمنكوبون عليهم أن يدفعوا أو يتضوَّروا ألماً وجوعاً إلى أن يفرجها رب العباد.