ذات يوم كنت في طوارئ أحد المستشفيات المتخصصة حسب اسمها الرسمي فرأيت مواطنة شابة تشكو للطبيب المناوب من أن والدتها موجودة على سرير طوارئ منذ ثلاثة أيام، وهي قائمة بجوارها ليل نهار بالتناوب مع شقيقاتها ملتزمات بالسهر والوقوف، حيث لا توجد مقاعد أو أماكن للجلوس لأنه مجرد قسم طوارئ للمعاينة وعلاج الحالات الخفيفة وتنويم الحالات المحتاجة إلى تنويم. وفهمت من شكوى تلك المواطنة أن المستشفى لم يستطع توفير سرير لتنويم والدتها، على الرغم من مرور الأيام الثلاثة، وكونها مريضة بالقلب ووضعها الصحي يزداد حرجا ساعة بعد ساعة وأن من شخص حالتها قد أمر بتنويمها فورا! ورأيت الطبيب الآسيوي يصبر المواطنة الشاكية ويعدها بنقل والدتها عند شغور سرير في القسم المختص بالمستشفى، يومها لم أستطع تصديق ما سمعته وظننت أن في الأمر مبالغة وأن المريضة ربما راجعت قسم الطوارئ لمدة ثلاثة أيام ولكنها لم تمكث في القسم نفسه في تلك الأيام، ثم دارت عجلة الزمن لأقرأ في صحيفة «عكاظ» خبرا مصورا يظهر فيه مريض بمستشفى الملك سعود بالرياض منوما في أحد الممرات الضيقة في المستشفى لمدة أربعة أيام بعد إصابته بكسور في حادث مروري دون التمكن من نقله إلى غرفة أو سرير لتنويمه تمهيدا لعمل الإجراءات الطبية اللازمة له، فتذكرت الموقف الذي رأيته في أم القرى وتأكدت أن المواطنة الشاكية لم تكن تبالغ وهي تبلغ الطبيب الآسيوي المناوب عن معاناة والدتها من بقائها أياما دون علاج وإنما تحت الملاحظة في قسم الطوارئ بحجة عدم توفر سرير شاغر، وسألت نفسي: إذا كانت أزمة الأسرة قد وصلت إلى (الرياض) وإلى العاصمة المقدسة مكةالمكرمة فما هي أحوال العلاج والصحة والأسرة والأجهزة والإمكانيات الطبية في المحافظات الصغيرة والضواحي والأرياف والنواحي، وكيف يحصل هذا الأمر في وطن أنعم الله عليه بالخير، وإذا لم يجد المرضى أسرة لتنويمهم عليها وعلاجهم من أمراضهم حتى يبقى الواحد منهم أياما وربما أسابيع في انتظار شغور سرير فهل يحق لنا بعد ذلك التحدث عن نهضة صحية شاملة تضاهي مثيلاتها في الدول المتطورة؟ وأين هي هذه النهضة الصحية الشاملة والمثل الشعبي يقول: قالوا السما سرقوها.. قلنا فين ودوها؟!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة