الطبيب المناوب شخص مهم جداً بالنسبة للمريض! خاصة الذي يعاني من آلام أثناء الليل وهو داخل المشفى في سريره الأبيض، يستنجد بجرسه لتأتي ممرضة تلو الأخرى ولا أثر للطبيب المناوب رغم تأكيد الممرضات للمريض بأن الطبيب سيأتي لا محالة إلا أنه يختفي من خريطة قسم التنويم ليظهر في أقسام أخرى كالطوارئ وغيرها ليقوم بمهمة أخرى فيخبر الممرضة التي بدورها تنقل للمريض المعلومة، وقد يكون في أماكن أخرى في محاولة لالتقاط أنفاسه التي تنقطع من كثرة اللف على الأقسام لتغطية مسئولياته "كروبوت مناوب" أقصد طبيب مناوب! لا يتفهم المريض انشغاله ولا يقدر لفه ودورانه في أنحاء المستشفى وخاصة عندما يكون مرضاه موزعين على "أقسام مختلفه" بسبب عدم وجود أسرة في القسم الخاص! ويظل الطبيب غائباً والمريض منتظراً حتى الصباح يتوجع ويتألم وليس هناك من مجيب فلا حياة لمن تنادي! حتى ينجلي الليل وتبزغ شمس اليوم التالي وتدب الحركة في قسم التنويم ويتلهى المريض عن أوجاعه بزحمة التمريض وهيئة التنظيف ومطبخ يقدم له كل ما يذكره بمرضه! ويكون السيد الطبيب المناوب قد انتهت مناوبته ليبدأ عيادته مباشرة ً وإن لم تذق مقلتاه النوم أثناء مناوبته ليلاُ وهكذا تسير حياته. أيجهل واضع تلك الأنظمة مدى قسوة ذلك على الطبيب المناوب الذي يمارس عمله بعد ليلة شاقة ظلماء بين أروقة التنويم والطوارئ لتخفيف آلام المرضى ناسياً قوته البدنية التي تجهد في أحيان كثيرة بسبب الحالات التي تكثر غالباً في ليلة مناوبته ناهيك عن مفاجآت دوام اليوم التالي( وما أكثرها) فكثير من المرضى لا يعلمون بهذه المسئوليات التي تقع على كتف "الطبيب المناوب" ويقسون في حكمهم على كفاءة الطبيب فيكون حكمهم عليه جائراً، فمن الواضح أنهم يعتقدون بأنه "طبيب آلي" يتلقى صيانة تروسه من "مُشرع هذه القوانين" التي يعتبرها بعض الأطباء مناوبات "تعسفية" لا رحمة في قلب من شرعها ويتساءلون عن معرفة وزير الصحة بهذه القوانين! هكذا عانت إحدى المريضات بتحمل آلامها المبرحة أثناء الليل وقد قصت علي تفاصيل معاناتها وأنا مقدرة "جهلها" بما يعانيه الطبيب المناوب نفسه..وظلت طوال الليل تعاني وتنادي ولا مجيب!!. فالطبيب الآلي يهده العمل وللأسف لا يمكنه استنساخ نفسه ليوزعها على الأقسام لتقوم بما لا يسعفه الوقت لتقديمه غير مكالمة هاتفية لرئيسة التمريض يخبرها ما يجب القيام به خاصة عندما تكون حالة المريض بسيطة! أنظمة من الواضح أنها سُنت في غياب أطباء ممارسين يقومون بالمناوبة والذين لم يدلوا بآرائهم تجاه هذه القرارات التي يتم تنفيذها بدون شفقة على الطبيب المناوب أو المرضى الموكل بهم والذين يتأثرون بمقدار معاناة الطبيب. همسة: إلى من يتجاهلون أوجاعهم عند رؤية الطبيب ويتركونها لتتفاقم في المساء لتبدأ الأجراس بالرنين فوق رؤوس الممرضات "والبياجر" على رأس الطبيب المناوب "الطبيب الآلي" أقول لهم :الرأفة بالطبيب المناوب..وتحلى بالصبر وقوة التحمل حتى الصباح أيها المريض لتحظى بأفضل رعاية ممكنة.