فاجأتنا الزميلة الكاتبة جهير المساعد يوم قبل أمس الاثنين بمقال ناري عنيف كالت فيه أشد الاتهامات للأطباء السعوديين، وصادرت منهم حتى وطنيتهم بعد أن صادرت كفاءتهم ومهنيتهم .. لم تشر الأخت جهير إلى (بعض) الأطباء، أو فئة أو شريحة منهم، حتى يمكن قبول شيء مما قالته وكالته دون هوادة، وإنما عممت دون تحفظ أو تردد أو استثناء لأحد، وبتهور شديد استطاعت أن تقول «لا يوجد لدينا طبيب واحد مثل الدكتور مجدي يعقوب، أو واحد فقط ينجح في خدمة موطنه الأصلي بلا انتظار عائد، وبلا انتظار مكاسب وأرباح أو منصب عال أو جاه أو مال أو تنجيم إعلامي يسلط عليه الضوء ويصنع منه نجما يتلقف الناس صورته مع صحف الصباح».. من حيث الكفاءة يوجد لدينا يا أستاذة جهير من هو في كفاءة مجدي يعقوب لكن لأنهم غير مهووسين بالنجومية الإعلامية لا يعرف الكثير في المجتمع إنجازاتهم. حاولي أن تبحثي عن السيرة الذاتية لواحد منهم هو الدكتور محمد الفقيه الذي أجرى أكثر من 5000 عملية جراحة قلب مفتوح دون ضجيج وأسس أكبر مركز لجراحة القلب في الشرق الأوسط، ثم مضى بهدوء شديد دون أن يتداخله الخيلاء. وإذا كان مجدي يعقوب أشرف على تأسيس مركز للقلب في وطنه مصر فليس الأمر بالسهولة التي تتخيلين بحيث يمكنه وحده الإنفاق على مشروع ضخم أو إدارته، بل كان المركز نتاج وعي اجتماعي مؤسسي بالعمل الخيري والمبادرات التطوعية لا يوجد لدينا .. لو كنت تتحدثين عن (بعض) أصحاب المنشآت الطبية الخاصة لوافقناك على طغيان طموحهم وطمعهم التجاري على حسهم المهني كأطباء، لكنك حين تتحدثين دون استثناء فإن نموذج الطبيب السعودي هو ذلك الطبيب الذي لا يملك دخلا سوى من عمله، إنه لا يبحث عن مكاسب وأرباح ولكنه بالتأكيد لا يستطيع العيش دون عائد من مهنته، وهذا العائد لا يزيد عن مرتبه الذي ظل ثابتا لعقود طويلة ولم يشمله بعض التحسين إلا مؤخرا. وإذا كان يبحث عن المميزات الناقصة والبدلات المتأخرة فهذا لا يعيبه بل يعيب الجهات المسؤولة عنه التي لا تهتم بحقوقه المشروعة، والتي تقل كثيرا عن حقوق زملائه في الدول التي تحترم هذه المهنة.. ومن أخطر ما جاء في اتهاماتك أنك حكمت على الأطباء السعوديين بعدم الاطلاع على الجديد في مهنتهم وأن أخطاءهم كثيرة لأن علاقتهم بالمهنة فيها خلل وانعدام ثقة، ولديهم عجز في «ضمير المهنة الطبية»، وهذا شأن مهني بحت لا يمكن الحديث فيه إلا للمتخصصين الذين يستطيعون تقييم مستوى الأطباء السعوديين، ولا أظنك مؤهلة لذلك، أما حين تقررين أنهم بلا وطنية فتلك والله الطامة الكبرى التي تذكرنا بالمثل القائل: «يا زينهم ساكتين».. بالإمكان تفنيد كثير من اتهاماتك، لكن حين قرأت قولك (لا يوجد لدينا عجز في عدد الكفاءات الوطنية العاملة بمهنة طبيب، فما أكثر أطباءنا الحاليين، لكن حصادهم لا يرقى إلى وفرة أعدادهم. الحصاد قليل والعدد كبير)، حين قرأت هذه الجملة تأكدت أنك آخر من يعلم عن حقيقة وضعنا الطبي، وبالتالي سأتبع القاعدة الفلسفية التي تقول: الخطأ مائة في المائة لا يناقش.. وفي الختام لا بد أن أؤكد أنني لا أتحدث عن ملائكة، ولن أسقط في خطأ التعميم لأن الشاذ موجود في كل مهنة وفي كل زمان ومكان لكنه يظل شاذا لا يصح أن يجعل أحدا يختار بسببه عنوانا كعنوان مقالك «اللهم أنقذ مرضانا من أطبائنا». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة