عفاف منشي قال عليه الصلاة والسلام حين أشرف على أطم من آطام المدينة: (هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر). الله أكبر.. أمن كثرة الفتن وتواليها، أم من توحلنا فيها فلا يكون حال الناجي منها إلا كحال من يفرك الطين ليستخلص ثوبه منه.. وماذا بعد هذا التوالي للفتن علينا حتى باتت آخراها تهون أولاها وحتى تغشتنا كقطع الليل المظلمة.. فالسماع المحرم تكلموا فيه حتى أباحوه، فغدا لهو الحديث خدين آذانهم، والرؤية المحرمة تجاهلوا سهامها وتغافلوا حدودها فتعدوها.. فلا بأس برؤية المرأة الأجنبية بزينتها من مكياج وعطر.. لا بأس في مصافحتها وغضوا المشاعر عن خلايا الحس السطحية على الجلد، والتي تعمل بينها وبين مواطن الإثارة سريعا في جسم الإنسان إذا ما أثيرت.. وهل أكبر من الملامسة التي تكون بالمصافحة تعزز إثارتها النظرات؟ ورسولنا الحبيب يقول (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) خالفوا أمره صلى الله عليه وسلم في اللباس وتعروا وتشبه رجالهم بنسائهم ونساؤهم برجالهم وعموا عن اللعن في ذلك.. وتشبهوا بالكفار في معاملاتهم وموضاتهم وتقليعاتهم و(من تشبه بقوم فهو منهم). تكلموا في الاختلاط وتفلسفوا وهو الذي يمجه العقل قبل الدين وترفضه الشهامة قبل الاستقامة.. ما عسانا نسطر من مواقع القطر وقطع الليل وما نقول في ضلال سيئ القصد باعثه الهوى لا الهدى مع ضعف بصيرته وقلة علمه بما بعث الله به رسوله، فهو من الذين قال الله تعالى عنهم (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس) تلكم الأضواء من كلام ابن القيم عن فتنة الشبهات التي ردها إلى: اشتباه الحق بالباطل والهدى بالضلال، والفهم الفاسد، والنقل الكاذب، والحق الثابت الخفي على الرجل فلم يظفر به وغرض فاسد وهوى متبع وعمى البصيرة وفساد الإرادة. ولا ينجي من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول وتحكيمه في دقّ الدين وجله وظاهره وباطنه وعقائده وأعماله حقائقه وشرائعه، فيتلقى عنه حقائق الإيمان وشرائع الإسلام.. وعن فتنة الشهوات فما يشار به إليها قول السلف: احذروا فتنة العالِم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون. دعونا نفطن بقوة إلى صغار الفتن وكبارها ونسعى لدفع فتنة الشبهات بكمال البصيرة واليقين وفتنة الشهوات بكمال العقل والصبر. [email protected]