قال إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور أسامة بن عبدالله خياط: إن للفتنة خطرا عظيما وضررا شديدا تعم به البلوى، وقد جاء الكلام عليها فيما بينه أهل العلم فقال ابن القيم رحمه الله الفتنة نوعان: فتنة الشبهات وهي أعظم الفتنتين وفتنة الشهوات وقد تجتمعان في العبد وقد ينفرد بإحداهما ففتنة الشبهات من ضعف البصيرة وقلة العلم لاسيما إن اقترن بذلك فساد القصد وحصول الهوى فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أن اتباع الهوى يضل عن سبيله وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق وهي فتنة المنافقين وفتنة أهل البدع على حسب مراتب بدعهم ولاينجي من هذه الفتنة إلا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء أمر به ونهى عنه دون تحكيم الهوى في ذلك فلا يتلقى إلا عنه ولا يؤخذ إلا منه. وأضاف: إن النوع الثاني من الفتن ففتنة الشهوات، وتقديم الرأي على الشرع أصل فتنة الشبهة، وتقديم الهوى على العقل أصل فتنة الشهوات، والشبهات تدفع باليقين، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين قال سبحانه وتعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآيتنا يوقنون) فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين فبإكمال العقل والصبر تدفع فتنة الشهوة وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة. وبين أن الله سبحانه وتعالى حذر عباده من سبب هو من أعظم أسباب الفتنة في الدين ومن أظهر بواعث الفرقة بين المسلمين وهو مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهجر سنته وطريقته، قال سبحانه وتعالى (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)، مشيرا إلى أن مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في قول أو عمل فهو مردود على صاحبه امتثالا لقوله عليه الصلاة والسلام (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). وفي المدينةالمنورة، أوضح إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ حسين آل الشيخ أن في القرآن وصايا عظيمة ربانية تتضمن الأمر بالإقامة على أمور الإسلام، والالتزام بمنهج الدين، والاستمرار في التقيد بقيوده والوقوف عند حدوده والاستجابة لأوامره، والانتهاء عن زواجره على الوجه الأكمل (قل آمنت بالله ثم استقم). ودعا آل الشيخ المسلم بعد رمضان بالمحافظة على الجوارح، وحفظ الأعمال الصالحة، حتى يلقى الجزاء الحسن عند الله جل وعلا، وبذلك تكون الاستقامة على طاعة الله (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين).