عبر عدد من المسؤولين التجاريين والاقتصاديين في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن عدم رضاهم لمستوى التبادل القائم مع الدول الأفريقية، رغم الإمكانات الهائلة المتوفرة للمجموعتين، وطالبوا الدول الأفريقية بالعمل بجد لإقناع المستثمرين الخليجيين للاستثمار في بلدانهم، عن طريق مشاريع تحقق التنمية المستدامة للجانبين. وأكد نائب وزير المالية الدكتور حمد البازعي مترئساً الجلسة الثالثة في مؤتمر الاستثمار الخليجي الأفريقي 2010، على أن هناك قصوراً في التشريعات والأنظمة الحمائية لدى الدول الأفريقية، وهو ما يقلل حجم الاستثمارات الخليجية في السوق الأفريقية، لافتاً إلى أن الدول الأفريقية معنية ببذل المزيد من الجهود نحو توفير بيئة آمنة للاستثمارات الخليجية. من جانبه شدد وزير التجارة والصناعة في دولة الكويت أحمد الهارون، على العلاقات التاريخية التي تربط بين دول مجلس التعاون والدول الأفريقية، والتي تعود إلى فجر الإسلام، بيد أن الطموحات في المجالات الاقتصادية والتجارية لا تزال دون المستوى المطلوب، رغم توفر كافة الإمكانات اللازمة لإقامة علاقات وثيقة. وقال «هناك تعاون عربي أفريقي دون الطموح حالياً، إذ لا يتجاوز 25 مليار دولار من بينها عشرة مليارات من النفط»، مبينا أنه رغم ذلك يمكن استكشاف المزيد من فرص التعاون والاستثمار المتبادل بين الجانبين، مع الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة لدى الدول الأفريقية في مقابل الاستفادة من الوفرة المالية الضخمة لدى الدول الخليجية وهو ما سيحقق التنمية المستدامة للجانبين. ورأى أن مستوى الحضور والمشاركة من جانب عدد من الدول والمنظمات الأفريقية والخليجية، يؤكد وجود رغبة في تعزيز التعاون الحالي، والعمل من أجل تنمية التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي، والبحث عن أفضل الفرص الممكنة والواعدة للاستثمار فيها. وشدد على ضرورة قيام الدول الأفريقية بتهيئة البيئة والمناخ الاستثماري لاستقطاب رؤوس الأموال الخليجية، مشيرا إلى أن دول مجلس التعاون لديها هدف استراتيجي يتمثل في توفير مصادر آمنة لتوفير الأمن الغذائي، ولدى أفريقيا مواردة مائية وأراضي زراعية خصبة، يمكن أن تكون من بين مشاريع التعاون بين دول الخليج وأفريقيا في المستقبل القريب. وحث وزير التجارة والصناعة الكويتي أحمد الهارون، الدول الأفريقية على العمل من أجل إقناع المستثمرين بجدوى استثماراتهم في بلدانهم، وتوفير المناخ الآمن والاستثماري الجاذب لتحقيق الفائدة المشتركة للجانبين. ووافق رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دولة قطر خليفة بن جاسم آل ثاني، على ما ذهب إليه الوزير الكويتي من حيث ضعف حجم التبادل التجاري القائم بين المجموعتين الخليجية والأفريقية، وأنه لا يرتقي إلى الموارد والإمكانات الحقيقية لكليهما. وتساءل قائلا «لماذا لم تحقق العلاقات الخليجية الأفريقية نمواً حقيقياً يتناسب مع الإمكانات المتوفرة، ويتجاوب مع كافة الدعوات والجهود الرامية إلى دعم العلاقات بين الجانبين». وأجاب آل ثاني قائلا «هناك عدد من المعوقات تعترض سبيل الاستثمارات الخليجية من بينها ارتباط الأسواق الأفريقية مع بعض التكتلات الاقتصادية الدولية، ووجود منافسة كبيرة مع دول لديها استراتيجيات عمل واضحة مع القارة الأفريقية كالصين والولايات المتحدةالأمريكية، تدهور الأوضاع الاقتصادية في الكثير من دول أفريقيا، إضافة إلى الصراعات المحلية والحروب الأهلية، وارتفاع الرسوم الجمركية، والمبالغة في اتخاذ إجراءات حمائية والتقلبات المستمرة في أسعار صرف العملات، إضافة لضعف الاستثمارات الخاصة بالصناديق السيادية الخليجية في الدول الخليجية. وأوضح الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني أن الصورة ليست قاتمة بل إنها مبشرة خاصة مع تعزيز العلاقات الخليجية الأفريقية أصبح ضرورة ملحة تفرضها التطورات الاقتصادية. واقترح توقيع اتفاقيات لتسهيل التجارة الخليجية مع أهم التجمعات الأفريقية وإنشاء صندوق خليجي مشترك تشرف عليه الحكومات لدعم الصادرات الخليجية إلى أفريقيا، إضافة إلى تشجيع وإقامة شركات استثمارية في مجالات الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي وحث البنوك الخليجية على ممارسة أنشطتها بدول أفريقيا أو فتح فروع لها. كما اقترح المسؤول القطري اختيار بعض الدول الأفريقية لتكون بمثابة مراكز انطلاق للمنتجات والاستثمارات الخليجية إلى باقي الأسواق الأفريقية. واستعرض عبدالعزيز الحقيل أمين عام منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، الدور الذي يمكن أن تضطلع به المنظمة فى دعم توجهات الدول الخليجية للاستثمار في القارة الأفريقية، وقال «إن المنظمة عملت ومنذ إنشائها على دفع عجلة التصنيع في دول الخليج وتقديم الاستشارات والمعلومات»، وبين أن من بين أهم البرامج التي تقدمها المنظمة هو برنامج الاستثمار الصناعي والذي ساهم فى تأسيس العديد من المشاريع الصناعية في دول الخليج. وأضاف أن حجم الطلب على المنتجات الغذائية يطرح بقوة دعم مبادرة الدول الخليجية للاستثمار في القارة الأفريقية فى مجالات التصنيع الغذائي، وإطلاق مشاريع مشتركة فى هذا المجال توفر حاجة الدول الخليجية لهذه المنتجات وتساهم فى ذات الوقت فى تنمية اقتصاديات الدول الأفريقية، وقال بأن منظمته تعمل على ترجمة توجهات الدول الخليجية المتعلقة ببرامج الأمن الغذائي من خلال مشاريع الإنتاج الزراعي والحيواني، وأكد على دعمهم لهذه المبادرات والعمل على تحقيقها. وكشف عن اتصالات تجريها المنظمة مع عدد من الدول الأفريقية والمنظمات كمنظمة الفاو في الخرطوم لطرح الفرص الاستثمارية فى مجالات التصنيع الغذائي، وأوضح بأن عشر فرص ستطرح يتوقع أن تخدم تلك التوجهات الخليجية والأفريقية. وأعلن استعداد المنظمة لتقديم خبراتها فى مجالات الاستثمار الصناعي للمستثمرين من الجانبيين.