سحب حي العزيزية الشهير في مكةالمكرمة البساط من تحت أقدام الأحياء المجاورة، إذ يشهد حي الحج كثافة بشرية تشهدها شوارعه وطرقه ومبانيه السكنية الأغلى إيجارا. يعرف حي العزيزية الآن بمنطقة الحج الثانية ويفضل الحجاج الإقامة فيه ما جعل منه الحي الأكثر شهرة بين أحياء العاصمة المقدسة، وبين جنباته تجد كافة المظاهر المتناقضة للحجاج، حيث غزت المسطحات الخضراء المنتشرة في الحي الشيش والمعسلات التي أبى متعاطوها إلا أن يعكروا روحانية الزمان والمكان. يروي أحد المدخنين أن واقع شوارع العزيزية يعصف بالذاكرة إلى بدايات الحي الأولى ونشأته قبل نصف قرن من الزمان حين كان يطلق عليه «حوض البقر» والذي ظل لفترة من الزمن مكانا لتجمع قطعان البقر، إضافة إلى كونه في تلك الحقبة مقاهي للشيشة والمعسل. وفي الحديقة المعروفة ب«المهيلة» في أقصى هذا الحي الجنوبي يجلس مئات من الشبان والشباب يوميا في حديث سمر لا يقطعه إلا انبلاج نور الفجر، فيتبادلون أطراف الحديث بينما تغطيهم سحائب دخان الشيش والمعسلات التي يستلهم تحت وقعها كبار السن تاريخ الحي وبدايته، فالمنظر العام لهذه الحديقة هذه الأيام يحليها وكأنما هي مقهى شعبي يضم كافة الأطياف، فهي الملتقى للكدادة والعاملين في البسطات من الشباب وأصحاب الدبابات النارية الذين يتأخذون من هذه الحديقة ملجأ لهم في نهاية كل يوم عمل شاق فهي مكان المبيت ومكان الترفيه في آن واحد.