روبرت سيتل ناقد سينما من أستراليا، وفي كتاب له يتناول مادة الإرهاب في السينما الأمريكية، استهله من خلال بحث يستغرق مادة الإرهاب في نتاج السينما الأمريكية ما بين عامي 1960 2008 كتب هذا الباحث الأسترالي في نهاية دراسته التي ظهرت من خلال كتاب نقدي يعتمد على مسوحات الموقف التاريخي للإرهاب من داخل مشاهدات بعنوان: Terrorism in American cinema أنه أثناء استعراضه التصوير التحليلي لفكرة الإرهاب في السينما الأمريكية عن تلك المرحلة لم يصادف في طريقه أثناء الاستعراض أي فصيل سينمائي يمكن للمختصين في حقل التصوير التحليلي لأفلام السينما أن يطلقوا عليه «إرهاب» بالمعنى السائد لاحقا لظهور الإرهاب بتداعياته البغيضة.. ولكن سيتل يستدرك لاحقا أثناء دراسته ومن واقع مسوحاته لنتاجات السينما الأمريكية أنه يمكن له استنباط عنصر الإرهاب من خلال مواصلته البحث في جذور روايات السينما بتناولاتها الجاسوسية، هذا برغم أن المصطلح نفسه لم ينضج بعد وقتئذ إلا بعد إطلالة السبعينيات الميلادية التي واكب تلك المرحلة خطف بعض المنظمات للطائرات وبالتزامن مع أحداث على هكذا نحو، كما أن عرض فيلم جديد مثل يوم الأحد الأسود دفع بمفهوم الإرهاب لأن يكون جزءا من ثقافة المناخ العام للسينما. كتب المؤلف روبرت سيتل في مذكراته على هامش بحثه الصادر لاحقا في صيغة كتاب «الإرهابيون تماما يشبهون السحرة وصانعي الأفلام، فهم يدهشوننا أكثر من الوغدين هيشكوك وجيمس بوند» وإذا ما أضفنا إلى القائمة مصاصي الدماء فريدي كوجر وجاسون، فالإرهابيون لا يقلون خطورة أيضا من داخل الروايات السينمائية في حقن عقولنا بكوابيس مستديمة، وهكذا خرج الناقد سيتل من بحثه في تأسيس مرحلة تاريخية تثبت أن الإرهاب نشأ فعلا في بداية السبعينيات الميلادية، إذ لم يكن الإرهاب يمثل أي جنس روائي مستقل داخل الإطار العام لأدبيات السينما. ويمضي المؤلف في تحليله لكيفية سلوك الروح الإرهابية من واقع الانتشار السينمائي الذي تلى مرحلة السبعينيات ليؤكد وجود رسالة خفية بطي الممارسات الإرهابية، فالإرهابيون من خلال استهدافهم لمدنيين غير مقاتلين، فهم إلى جانب ذلك يغازلون الإعلام لأنهم من خلال هذه الاعتداءات سرعان ما يصبحون محل إثارة للصحافة وبذلك فهم يحصلون ولو بطريقة غير مباشرة على اهتمام أكبر لدى السينما من باب أنهم يقدمون فضاء جديدا يمكن من خلاله تمييزه عن جداول الأعمال السابقة للحرب الباردة التي دارت رحاها قبل ظهور الإرهاب بين القوى العظمى. وعلى أية حال يتعمق الناقد السينمائي في تجربته لمفهوم الإرهاب من خلال السينما الأمريكية فيقول إنه خلافا لأفلام الحرب والتي تسمح من خلال طبيعتها للمشاهدين أن يتبرأوا أو ينفصلوا أو يتنصلوا من المذابح التي يرونها أمامهم فإن أفلام الإرهاب تضع المشاهدين أمام اعتداءات دموية تطال المدنيين والعزل والأطفال، ومن هنا لا يمتلك المشاهدون سوى التعاطف الأكيد مع ضحايا الإرهاب، وكما يحدث في أفلام الرعب فرؤية الإرهاب من خلال السينما تصبح جزءا مستديما من تجاربهم، هذا عدا أن أفلام الإرهاب تفرز مساومات غريبة وغير أخلاقية مع جماهير السينما، سواء كان المشاهدون يعترفون بذلك أم ينكرونه من عدمه، فالمشاهدون الذين يحضرون أفلاما إرهابية لا يذهبون إليها للاستمتاع وإنما لرؤية الثأر والقصاص في الإرهاب، ولكن أيضا فعمل الشر يولد شرا أكثر عنفا. ومن هنا فالتنفيس الدرامي الذي قال به أرسطو وخصيصا من خلال هذه الجزئية هو عمل غير أخلاقي. وكما هي المشاهد في أفلام الحرب والرعب، فإن أفلام الإرهاب كانت إلى عهد قريب تتميز بضربات مؤلمة يتبادلها الطيبون والأشرار. Terrorism in American cinema: an analytical filmography, 1960-2008 By Robert Cettl......