أثار خبر نفوق القردة «شيتا» عن ثمانين عاما أشجان الكثيرين من مشاهدي السينما في العالم الذين تابعوا أفلام طرزان الذي شاركته هذه القردة بطولة أفلامه المتسلسلة منذ ستينيات القرن الماضي، وكانت القرد الشمبانزي شيتا نفقت في مأوى مؤسسة سانكوست برايميت الخاص بالحيوانات، حيث قضى أواخر أيام تقاعده بسبب الفشل الكلوي في ولاية فلوريدا ليس بعيدا عن هوليود وكانت قد بدأت القردة شيتا العمل السينمائي في الثلاثينيات مع النجم جوني ويسمولر في أول سلسلة طرزان السينمائية، عاشت شيتا ثمانين عاما وبذلك تعتبر شيتا معمرة، بل تجاوزت متوسط سن مثيلاتها 40 50 عاما. جدير ذكره هنا أيضا أن البطلة السينمائية التي كانت تعمل في هذه السلسلة إلى جانب الشمبانزي شيتا وجوني ويسمولر هي مورين اوسوليفان «والدة النجمة الشهيرة فيما بعد ميافارو». .. وهو نفس الجانب الذي عشناه نحن في المملكة عندما انطلق التلفزيون لدينا في بحر الستينيات لنتعرف إلى العديد من الحيوانات التي كانت قد شاركت في بطولة المسلسلات الغربية التي عرضت في العالم أجمع في تلك الفترة منها مثلا ما مثله الحصان في مسلسلات الشرق الامريكي «أبطال بونانزا» المنطقة أو المدينة القريبة من نيويورك وواشنطن، كذلك في الغرب الأمريكي في السينما مثل أفلام رعاة البقر على نحو أفلام النجم الامريكي كلينت ستوود، أيضا كان مسلسل «لاسي» الشهير الذي قامت ببطولته الكلبة «لاسي» وهي الكلبة التي تعد بلا شك أشهر الحيوانات على الشاشة، ولعل نجوميتها هذه جاءت من كونها كانت تطل في المسلسل كواحدة من أفراد الأسرة في أحداث المسلسل وليس مجرد كلبة تعيش مع اسرة حتى إنها تعيش مختلف ظروف العائلة التي تحتضنها والتي تضطر إلى بيع لاسي لسد صعوبات مالية تعيشها، كذلك الكلب بيتهوفن الذي يعاني من سرقة اللصوص له ومن ثم يستطيع الهرب واللجوء إلى أسرة يجد لديها وفي كنفها الإيواء وهكذا كما تدور الأحداث. وكثير من المسلسلات التي لعبت الكلاب فيها البطولة في السينما والتلفزيون، أما الأشهر كان الفيلم الذي قدم في أجزاء متعاقبة الفك المفترس «شارك» عن سمك القرش في السبعينيات وهي السلسلة التي صنعها المخرج الأمريكي الشهير ستيفن سبيلبيرج وبالتالي صنعت هي بدايات نجوميته كعلامة إخراجية شهيرة في العالم. أيضا علاقة الإنسان مع الحصان تحديدا كانت في الستينيات من خلال المسلسل التلفزيوني الشهير «فيوري» الذي عرضه التلفزيون السعودي أيضا عند انطلاقته في منتصف السبعينيات. أيضا الفرس السويدية «فليكا» في فيلم يحمل اسمها وهي الفرس التي عانت من الطرد من الحياة في المزرعة؛ لكونها برية وتقاتل بطلة الفيلم التي تشاركها البطولة من أجل إعادتها إلى المزرعة. ومما لا يغيب عن الذاكرة الحيوان الضخم.. غوريللا «كينج كونج» في سلسلة أفلام كينج كونج التي انطلقت في السبعينيات ثم قدم منها جزءا جديدا قبل سنوات.. وحقق نجاحا فنيا وجماهيريا كبيرا. وهي الغوريللا التي صورتها الشاشة وهي تحاول النجاة من ظلم الإنسان وهي تتنقل بين مباني وناطحات نيويورك ومنها مبنى الكريسلر وهي الحيوان الضخم الذي استطاع الإنسان ترويضه في هذه السلسلة من الأفلام وإيراد خيوط حب وعاطفة بين الغوريللا كينج كونج والإنسان، كذلك الأصلة.. الأفعى في فيلم «اناكوندا» مع جينيفر لوبيز. السينما العربية ... ونخرج هنا بأن شيتا، فليبر، لوسي، حيوانات تحولت إلى نجوم سينمائية وتلفزيونية بفضل «هوليود»، إلا أن السؤال الذي يرسم نفسه، أين هي الحيوانات النجوم في السينما والدراما العربية؟!! الناقد السينمائي محمد حجازي وفي لقاء خاص في «عكاظ»، حيث يحلل الأمر فيقول: السينما والدراما العربية لا تمتلك القدرة على إدارة الإنسان بشكل جيد، فكيف ستدير الحيوان؟ إن التعامل مع الحيوان في الأعمال السينمائية يحتاج إلى صناعة خاصة، تبدأ بإيجاد المروض المحترف للحيوانات المقصودة والذي ينفذ طلبات المخرج بالتعامل مع الحيوانات ليتم التصوير لاحقا، بحيث تكون الكاميرا بين الحيوان والمروض فيقوم المخرج باستعمال هذه المشاهد وفقا لسياق العمل السينمائي. ويضيف حجازي: لقد تمكنت هوليود من جعل الحيوان مطواعا حتى يمكننا القول إنه بات ممثلا حتى بعض الأحصنة التي استعملت في فيلم «ولفهورس» الأخير والذي حصد العديد من الجوائز، نرى في المشهد الذي يسقط فيه الحصان مع فارسه حرص الحصان على عدم أذية الفارس، فيسقط بشكل تمثيلي، وهنا ذروة الإبداع في العمل السينمائي مع الحيوانات. ويتابع حجازي «ثم يأتي دور الموسيقى المرافقة، فنرى في الأفلام الأجنبية كيف تتعامل الموسيقى مع ملامح وجوه الحيوانات، بحيث تتحول إلى لغة خاصة بالحيوان المشارك بالفيلم، وهذا ما نفتقده نحن في التعامل مع الممثل الإنسان في الأفلام والمسلسلات العربية». ويتابع: المخرج العالمي جان جاك أونو عندما استعمل الحيوانات في أفلامه وهو الرائد في ذلك، عرف كيف يطوع كل العناصر الموجودة بين يديه لمصلحة العمل ككل، وهذا ما نفتقده نحن في الفيلم العربي، فبالإجمال يكون المخرج إما في خدمة النجم أو النجمة أو في خدمة أشياء أخرى لا مجال لذكرها الآن، فيما الغرب وتحديدا هوليود، الكل يعمل لخدمة الفيلم كتحفة فنية وكعمل سيخوض تحديات كثيرة وأولها الأوسكار. وحول أهمية وجود الحيوانات في الأفلام السينمائية قال حجازي ل «عكاظ»: هذه الحيوانات شكلت ظاهرة في السينما العالمية، وهي تشهد تطورا كبيرا يوما بعد يوم، ووجودها فتح مسألة التعاطي مع الحيوانات أنسنة كانت مفقودة في مرحلة ما، أنها قضية كبرى بحد ذاتها، كما أن هذه الحيوانات أعطت دفعا للإيرادات المالية الخاصة بالأفلام، فهي تتوجه للصغير والكبير، الكل يجد مبتغاه والكل يرى في مثالية الحيوان الممثل مبتغى مفقود عند البشر. ويختم حجازي ل «عكاظ»: السينما العربية ما زالت سينما عاجزة فنيا وتقنيا، هي بحاجة لسنوات طويلة كي تلامس ما يحصل في الغرب والشرق، ولعل أبرز ما نفتقده هو غياب القضية عن الأعمال السينمائية العربية والتي تنجز من دون أن يكون لها هوية خاصة، فهكذا هوية أو قضية هي التي تربط المشاهد بالفيلم.