على غرار السوق السوداء للتجارة غير المشروعة في مجالات مختلفة، كتجارة الأسلحة والمخدرات والرقيق الأبيض، أخذت السرقات الفنية مكانها ضمن قوائم التجارة المشبوهة عالميا خلال السنوات الأخيرة، وذلك استنادا إلى ماتدره هذه التجارة من أموال تقدر بأرقام فلكية مذهلة، ترصدها الشرطة الدولية «الإنتربول». وقد قدر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (F . B . I) في تقرير له قيمة المقتنيات التي تشكل حصيلة السرقات الفنية الكبرى والصغرى، سواء بالنسبة للمتاحف الرسمية للدول، أو للمؤسسات الأهلية، أو المجموعات الخاصة بالأفراد بنحو (6) مليارات دولار سنويا على مستوى العالم، أي بما يوازي ميزانية دولة أو أكثر من دول العالم الثالث. في دولة واحدة مثل بريطانيا، وفقا لأرقام وتقارير دائرة الاستخبارات الجنائية الوطنية، تبلغ قيمة السرقات كل عام ما بين 300 إلى 500 مليون جنيه إسترليني، تمثل السرقات الفنية جانبا كبيرا منها، وهذا وفقا لتقرير دائرة الاستخبارات الجنائية الوطنية. ومما يساهم في رواج هذه التجارة السوداء، ما تمثله من إغراء للصوص الفن، نظرا لكون غالبية المتاحف المستهدفة بالسرقة مفتوحة ومتاحة للجمهور لفترة طويلة على مدار اليوم، مما يمثل صعوبة عملية في حمايتها، الأمر الذي يسهل أحيانا الوصول إلى لوحة ما، خاصة في ظل ازدحام المتاحف أحيانا، والتخفيف من إجراءات التفتيش حرصا على عدم مضايقة الرواد، ولا سيما من السياح الأجانب، أو ضعف وسائل المراقبة وأجهزة الإنذار، مع إمكانية وسهولة نزع اللوحة أو طيها، مع خفة وزنها وصغر حجمها، فضلا عن أن بعض العصابات المحترفة تلجأ إلى وسائل تقنية للإفلات من الكاميرات وأجهزة التفتيش، واستغلال الثغرات الأمنية. وتدفع هذه الثغرات بعض شركات التأمين إلى التردد، وأحيانا الإحجام عن قبول عمليات تأمينية على المتاحف والمقتنيات الفنية العامة والخاصة، نظرا لما يشكله ذلك من مخاطرة كبيرة على ميزانياتها، في ظل ارتفاع احتمالات ومخاطر السرقة، بل وازدياد معدلها الفعلي خلال السنوات الأخيرة، لذلك، وفي مفارقة كبيرة، فإن كثيرا من الأعمال الفنية لكبار الفنانين العالميين، فضلا عن القطع الفنية الأخرى من التحف والآثار التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، لا تخضع لأي تأمين عليها. [email protected]