إذا كانت القيمة الفنية والأدبية لمقتنيات الكثير من متاحف العالم تدور في فلك ملايين الدولارات للقطعة الفنية الواحدة، مما أدى إلى حدوث رواج كبير للسوق الفنية السوداء للمقتنيات المسروقة، فإن ذلك حقا يدعو أهل الخبرة والاختصاص فنيا وأمنيا إلى تقديم إجابات شافية للألغاز المحيطة بعمليات السرقة المحكمة لهذه المقتنيات. ويبدو أن بعض هذه الإجابات لم يكن مقنعا، ولم تكن قريبة للواقع، فعالجت السينما العالمية هذه القضية من خلال سيناريو خيالي حالم، وذلك في الفيلم الشهير قضية تاج توماس «Thomas Crown affair»، وجسد فيه دور البطولة الممثل الأمريكي «بيرس بروسنان»، ويتحدث الفيلم عن تاجر فاحش الثراء، جسد دوره بطل الفيلم، يقوم بطريقة فائقة الدقة والذكاء بسرقة لوحة فنية بديعة من أحد المتاحف، أبدعها قبل نحو مائة عام رائد المدرسة الانطباعية في الرسم الفنان الفرنسي الشهير كلود مونيه (1840 1926)، وتقوم الشرطة وشركة التأمين من خلال مندوبتها، التي جسدت دورها الفنانة «رينيه روسو» بملاحقته، حيث يقدم الفيلم إجابة مفادها أن المسؤول الأول عن هذه السرقات هم الأثرياء من عاشقي جمع اللوحات والتحف والأعمال الفنية، ولاسيما ذات الشهرة العالمية. ولكن الشرطة الدولية «الإنتربول» سخرت من هذا السيناريو السينمائي الحالم على لسان رئيس وحدة الأعمال الفنية المسروقة «كارل هاينز كايند»، حيث وصف في تصريحات صحافية سيناريو وأحداث الفيلم بأنها مجرد خيالات لا تمت للواقع بأي صلة، وفي محاولة لتقديم إجابة أكثر إقناعا، اخترق «روبرت ويتمان»، العميل في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (F . B . I) خلايا إحدى العصابات الإجرامية المتخصصة في سرقة الأعمال الفنية في فرنسا، حيث تنكر في شخصية أحد أثرياء أمريكا المولعين بشراء التحف والآثار واللوحات النادرة، بهدف استعادة إحدى اللوحات الفنية المسروقة، ومقتنيات أخرى تم السطو عليها عام (2007) في مدينة «نيس الفرنسية». وأوضح «ويتمان» أنه أثناء محاولته إبرام صفقة مع لصوص اللوحات الفنية، شعر منهم بالتباهي والفخر، لدأبهم على مدى شهور طويلة، ونجاحهم في سرقتها .. والسؤال: هل يتمتع خبراء الحماية والأمن للأعمال الفنية بالدأب في حمايتها، أو تعقب سارقيها، ليشعروا هم كذلك بالتباهي والفخر؟! وهل هم مولعون بهذه القطع القيمة مثل سارقينها؟!. [email protected]