بعض عمليات السرقات المتحفية تتضمن طرائف أقرب إلى «الكوميديا السوداء»، ومن ذلك تعرض متحف ما، أو أعمال فنية ما للسرقة، وبعد استعادتها، ما تلبث أن تتعرض للسرقة مرة أخرى بعد عدة سنوات، ومن ذلك حادث سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» عامي (1978) و(2010) من متحف محمد محمود خليل في القاهرة، والتي أشرنا إليها في مقال سابق. وبين هذين التاريخين، وفي عام (1991)م، وقعت سرقة متحفية كبرى في متحف «فينسنت فان جوخ» في منطقة ميدان المتاحف في العاصمة الهولندية «أمستردام»، والذي يضم أكبر مجموعة من أعمال ولوحات «فان جوخ» في العالم، حيث اختفى عدد قياسي من لوحات هذا الفنان الشهير، بلغ 20 لوحة، منها لوحته الشهيرة «أزهار عباد الشمس»، ورغم أن عملية السطو تمت بمهارة شديدة ولم تكتشف أثناء وقوع السرقة، إلا أن عامل الصدفة وحده أدى لاستعادة اللوحات المسروقة بعد عدة ساعات، حيث عثر عليها في سيارة قريبة من المتحف كانت معدة لهروب اللصوص. ولكن بعد مرور 11 عاما، وفي ديسمبر من عام (2002) تعرض المتحف نفسه مرة أخرى لعملية سطو، فقد قفز اللصوص في إحدى الليالي إلى داخل المتحف بطريقة بدائية، وحطموا زجاج إحدى النوافذ، بعد الصعود إليها على سلم، ليجدوا أنفسهم أمام روائع فنية في قاعة العرض الرئيسة، لتكون حصيلة السرقة لوحتي «تجمع في خارج الكنيسة» و«منظر للبحر في شتيفينينجن» للفنان «فان جوخ»، وقدرت قيمتهما بعشرة ملايين دولار، وهرب اللصوص باللوحات من نفس النافذة المكسورة، ولم تتمكن الشرطة الهولندية من الوصول بالسرعة المناسبة لتعقب اللصوص وضبطهم، رغم سماع صفارات الإنذار في المتحف (!!). وفي ديسمبر من العام التالي (2003) تم إلقاء القبض على لص الأعمال الفنية الشهير «أوكتاف دورهام» في إسبانيا، وكذلك ألقي القبض على «هنك بيسلين» في هولندا، وحكم عليهما القضاء بالسجن لمدة أربع سنوات ونصف، مع تغريمهما مبلغ (350.000) يورو، ولكن اللوحات لم يتم استردادها منهما، حيث اعتمد محاموهما على ثغرات في القانون الهولندي، ليستطيع السارقان وفقا للقانون الادعاء بملكيتهما للوحتين بعد مرور 20 عاما. ومن الطريف أن لوحة «أزهار عباد الشمس» التي تعرضت للسرقة في المرة الأولى، والتي رسمها «فان جوخ»، كان قد توقع أن تباع بمبلغ زهيد لا يتجاوز (500) فرنك، فإذا بها بعد وفاته تصل قيمتها إلى عشرات الملايين من الفرنكات!!. [email protected]