من يعتقد أن جدة تنتشي بالكلام وتمسك عن طرح أسئلتها ورغباتها لمجرد سماعها للكلام أيضا، فليعد قليلا إلى السنوات الماضية ويبحث عن الحكمة في ذلك التاريخ القصير، وليتأمل كيف أن ورطة جدة الكبرى لم تكن سوى الكلام العابر والوعد الطائر ومعهما الصور التخيلية لمشاريع لم تتجاوز يوما شاشة كمبيوتر المصمم.. جدة عرقلها الكلام. كلنا يتذكر ملاعب الغولف التي أعلنت عنها أمانة جدة منذ أعوام وبحيرة المسك والحدائق الكبرى شرق جدة، ومشروع الأحلام (200 ناطحة السحاب) ومشروعي حديقة القناديل وعين جدة وغيرها مما كانت تزخر بها «جعبة الأمانة»، كل تلك لم تعد مطلبا لأحد، وإن عشنا مع صورها التخيلية أحلاما وردية. اليوم صار المطلب أبسط كثيرا كثيرا من كل تلك المشاريع، وصار الناس يتمنون فعلا حقيقا ولو كان بسيطا جدا يأخذهم إلى (جدة) التي يريدونها لهم، ولو اختصر وجوده على شوارعها. لم يحمل مواطن جدة في سريرته يوما أية ضغينة تجاه أي مسؤول، وحين ينتقد ويشتكي ويطالب فهو لا ينطلق أبدا من مواقف شخصية، ولكن يفعل ذلك عن علم سابق بما كفلته له ميزانيات الدولة السنوية: هو يطمح لأن يكون له من الميزانيات الترليونية في الأعوام الأخيرة مشاريعا تعوضه عن أعوام مضت، وتطمئنه عن حاله وأبنائه لأعوام مقبلة. هو لا يفهم لغة الأرقام والعقود ولا يفهم عقبات ترسية المشاريع وتعطلها وأعذار هروب المقاولين والخلافات معهم. هو كأكثر المواطنين، بسيط في العلم والحياة ولا يفهم سوى لغة واحدة وهي: أن يرى الطريق والنفق والمخطط والصرف الصحي وعمود الإنارة تأتي في موعدها. هو سيعذر مسؤوله إن تأخر بها لشهر أو خمسة، ولكن أن تضيع بين الأوراق والأيام فذلك لا يفهمه ويصعب عليه إدراكه وتحمله.. ولذلك يشتكي. فقط تحدثوا إليه ب «الفعل».. وسيدعو لكم إلى يوم الدين. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة