بكل همومها، ستأخذك أحاديث الطرفين الشمالي والجنوبي إلى أقصى حدود العجب. معهما يمكن أن تستمع لحكاية أحدهما، فتستنتج ما سيقوله الآخر دون أن يحكي لك. إنهما يشتكيان من ذات الأمراض وهما يستعرضان حكايات المشاريع المتعثرة في وجود فوائض الميزانيات: إنها شركات المقاولات. يتمتع كلا «الطرفين» بذاكرة لا تكاد تغادر أي تصريح، ورقم وتاريخ إلا استحضرته في حكايتهما عن قصة مشروع متعثر، ولا أحد منهما يفهم مبررات نتيجة تلك المعادلة المؤلمة التي تقوم عليها هذه المشاريع بعد سنوات من الانتظار: تبدأ مناقصة، فميزانية ترصد حتى الهللات، وبعد أشهر تتعلق عينا «الطرفين» بلوحة ودبيب آليات حفر وبناء، إلى أن تغمض عيناهما على ذات اللوحة دون أن يشاهدا أثرا لما سمعا عنه. إنها «لعنة التعثر» التي تلاحق مشاريعنا من الجنوب حتى الشمال، وعليكم بسؤال من يعيشون في الاتجاهات الأخرى لتلك البوصلة. من يجيد لغة شركات المقاولات، سيخلق الأعذار لتوقف عشرات المشاريع التنموية في ديار الشمالي والجنوبي، ستسرد الحجج الواهية وستعلق الأعذار في شماعة ارتفاع الأسعار. ذلك الارتفاع هو الذي يجيز لك أن تهرب وتسرق وتكذب، وسيفهمها من يفهمها حين يريد ذلك. لكن بأي لغة سيفهم المواطن البسيط الذي يتعلق بكل خبر يزف إليه مشروعا متواضعا في حدوده الفقيرة ويتعثر، كيف يستطيع أن يشرح لنفسه فقط سببا وحيدا يبرر لتلك الشركات أن تغادر محيطه دون أن تترك وراءها سوى ذرات غبار تذر في عينيه، إنه لا يفهم بأي معادلة تسير تلك المشاريع. رجاء هؤلاء اليوم، لكل شركات المقاولات التي تغادرهم: قبل أن تذهبوا تأكدوا أن تقدموا «نعيا» بذات اللغة والكلمات التي يفهمها أهلها وكل الجهات، فقط ليتوقفوا عن طرح الأسئلة والانتظار والتعلق بالوهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة