المتخصص في تاريخ وادي فاطمة وأحد الذين لازموا الراحل، بدر اللحياني يقول «إن معجم معالم الحجاز اتخذ فيه الشيخ عاتق البلادي منهجا تاريخيا مستقلا حيث استجمع الرواية الشفاهية في أسماء المناطق والأمكنة ثم قارنها بالمدون في كتب المؤرخين، وتناول تعديلها بما يتلاءم مع الاسم التاريخي واتخذ الرحلات منهجا قويا في التثبت من أسماء الأمكنة ومن ثم ضبط المكان، ولهذا نلحظ اهتمامه الشديد بالضبط المنهجي المعتمد على الرؤية المكانية البصرية وتوثيق اللفظ». ووصف اللحياني الراحل عاتق البلادي بأنه كان خلوقا في تعامله ومؤانسا في حديثه ودعابته خفيف الظل وهو يطارح تلامذته بشكل جذاب خاصة عندما يطرح السؤال ولقد استفدنا كثيرا من هذه الأطروحات التاريخية الجميلة حتى قبيل وفاته هاتفته يوما فحدثني بشكل مستفيض وسألني عن الزملاء وأخبارهم، حيث كان حريصا على أخبارهم. ويتذكر عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان الراحل قائلا: «فقدنا علما من أعلام الفكر والتراث ليس في مكة وحدها بل في المملكة فهو يعتبر خسارة للجميع لما يتمتع به من خلق عال وتعامل مثالي وحرص على العلم فهو باحث من الطراز النادر ودائما ماكنت استأنس بكتبه الجميلة التي يبدو فيها جهد الباحث الحصيف المنصف». وأضاف أبو سليمان «عندما قرر نادي مكة الثقافي الأدبي تكريمي طلبت منهم أن يقدم البلادي بالتكريم نظرا لظروفه الصحية لكنهم أخبروني في النادي بأن صحته في الآونة الحالية لا تحتمل ذلك فتم تكريمي أولا وكان النادي حسب علمي يعد العدة لتكريمه لكن قدر الله كان سابقا». واستطرد عضو هيئة كبار العلماء أبو سليمان: «مهما قلت في الصديق العزيز الشيخ عاتق البلادي فلن أوفيه حقه ولا نملك إلا أن ندعو له بالرحمة والغفران وأن يجعل ما تركه من إرث في ميزان حسناته». وعد رئيس مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي الدكتور سهيل قاضي رحيل البلادي مفاجأة للجميع كون النادي يعد العدة لتكريمه، وقال: «ظروف الراحل الصحية حالت أكثر من مرة بيننا وبين تكريمه». ولفت إلى أن «الراحل يعتبر علما كبيرا في الأدب والثقافة ومحققا نابغا في مجال التراث لم يأخذ حقه من التكريم بما قدم من كنز ثمين يتمثل في كم الكتب التي ألفها عن تاريخ مكةالمكرمة والحجاز وتوثيق أدبائها وعلمائها في مجهود بحثي نادر الحدوث في هذا الزمان». واستطرد رئيس مجلس إدارة نادي مكة الأدبي قائلا: «كان الراحل يعمل بصمت وهدوء فهو بحق خادم للتراث نسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويبدله دارا خيرا من داره». الاهتمام بكتبه من جهته طالب عضو مجلس الشورى الدكتور أحمد الزيلعي الجهات الثقافية والبحثية والعلمية والأكاديمية ومكتبة الملك فهد الوطنية ودارة الملك عبدالعزيز العامة وغيرها من الجهات الاهتمام بكتب الشيخ عاتق البلادي وحفظها وإعادة طباعتها لتسهيل وصولها للباحثين، وقال الزيلعي: إن «البلادي خدم تاريخ الجزيرة العربية وجغرافيتها وإنسانها من خلال رحلاته التي قام بها في مختلف أنحاء المملكة وقدم هذه الرحلات في كتب لا يستغني عنها كثيرون من الباحثين، فهو لم يكتف بوصف مشاهداته والأمكنة التي مر بها وحديث الناس وإنما أصل لكل موقع من المواقع التي زارها من حيث ذكرها في كتب الرحلات مبرزا فيها تاريخ هذه المواقع وتراثها وثقافتها والمنتسبون إليها من شعراء ومؤرخين ورجال فكر وسياسة وأحداث تاريخية».