تتحول غرف عمليات الهلال الأحمر في مناطق المملكة كافة، خلال رمضان من كل عام، إلى خلية لا تهدأ على مدار الساعة، خصوصا في فترة ما قبل الإفطار التي تكثر فيها حرائق المنازل نتيجة إعداد الوجبات أو الحوادث المرورية بسبب السرعة الزائدة من بعض السائقين الذين يسارعون للوصول إلى منازلهم قبل أذان المغرب بلحظات. ومنسوبو الهلال الأحمر كثيرا ما أجبرتهم ظروف عملهم على تناول الإفطار أو السحور خارج منازلهم، أو في حالة الطوارئ في الميدان، وربما قطع بعضهم كل ارتباطاته الاجتماعية والعائلية في سبيل التواجد في الميدان. «عكاظ» شاركت أفراد الهلال الأحمر في الأحساء الإفطار، وتعرفت على آرائهم وتطلعاتهم، حيث أوضح مدير الإدارة عبدالرحمن المنصور، أن استعداداتهم لا تختلف عن غيرها من الأشهر الأخرى، فتجد منسوبي الإدارة على أهبة الاستعداد لأي طارئ. وأبدى المنصور، انزعاجه من البلاغات الكاذبة، وما تسببه من إهدار للوقت والجهد، وإضاعة فرصة إنقاذ حياة إنسان في حاجة ماسة للمساعدة. من جهته، أشار مدير إدارة المتابعة في الهلال الأحمر في الأحساء، سعد الحربي، إلى حسابات دقيقة في متابعة حركة المسعفين، حيث تتولى إدارة العمليات تسجيل أوقات ورود البلاغات وتحرك المسعف ووقت وصوله إلى الموقع، مبينا أن عمل المسعف لا يتوقف فقط عند نقل الحالة من الموقع كما كان في السابق، بل يتخذ عددا من الإجراءات الإسعافية لإنقاذ حياة المصاب، ويسجل جميع الإجراءات في موقع الحادث ويحاسب عند وجود أي إجراء غير صحيح، وهنا قال المسعف فيصل الهاجري: أمضيت 26 عاما في عملي كمسعف في الهلال الأحمر، وأجد سعادة كبيرة في عملي الإنساني خصوصا في شهر رمضان، ويضيف: لا شك أن تناول وجبة الإفطار بعيدا عن الأسرة والأبناء، هي من اللحظات الصعبة، إلا أن طبيعة العمل تجبرنا على تناول الإفطار هنا في مكان العمل، خصوصا ونحن نتواجد في هذا المكان على مدار الساعة ونتدخل في الوقت المناسب، مضيفا أن الشوارع والأسواق في هذا الشهر تشهد كثافة مرورية كبيرة وبالتالي مزيدا من الحوادث وهذا يعني تواجدا مكثفا للفرق الإسعافية وفي زمن محدد. وزاد: نمسك أحيانا على الماء وأحيانا أخرى لا نفطر إلا على التمر أو الماء، ويمر علينا بعض المواقف الغريبة مثل ورود اتصال من شخص من على بعد 170 كيلو مترا، وعندما تصل فرق الإسعاف إلى الموقع تجد أن المتصل يريد اشتراك لسيارته المتعطلة بالقرب من منزله. وهنا يتدخل زميله عبد المجيد العبد السلام في الحديث «اعتدت على تناول الإفطار والسحور بعيدا عن أسرتي في رمضان من كل عام، ومر بي خلال فترة خدمتي الطويلة العديد من المواقف مثل إسعاف زوجة قبل الإفطار بدقائق ضربها زوجها لأنها لم تعد الفطور الذي يرغبه فيه، وغيرها من المواقف الطريفة أحيانا». وفي عنيزة رافقت «عكاظ» مسعفي الهلال الأحمر، أثناء نقلهم لمصاب قبيل أذان المغرب وعقب انتهاء العملية أشار المسعف فلاح الحميداني، إلى أن واجب المسعفين لا يتوقف عند فترة معينة «نؤدي واجبا تحتمه المسؤولية الملقاة على عواتقنا، إضافة إلى كونه واجبا إنسانيا لذلك لا تزعجنا المعاناة بقدر ما تزعجنا البلاغات الكاذبة». وعن أكثر البلاغات إزعاجا قال الحميداني، هناك حالات كثيرة، ومن العيار الثقيل، فعلى سبيل المثال نتلقى بلاغا لحظة الإفطار ونكتشف أنه بلاغ كاذب أو فيه تقدير خاطئ، وأضاف: خرجنا ذات مرة لمباشرة بلاغ اتضح فيما بعد أنه غير دقيق، وكنا وقتها نتهيأ لتناول السحور، ويكون الأمر أشد قسوة عندما يأتيك بلاغا وعندما نباشر الموقع نجد أنفسنا في حرج شديد لأننا قصدنا موقعا خطأ لأن المبلغ لم يكن دقيقا في الوصف وبالتالي تسبب في إزعاجنا وتعطيل تدخلنا السريع لإنقاذ حالة مرضية حقيقية. وعن كيفية الإفطار في أجواء العمل يقول ناصر الشتيلي: نشترك في إحضار وجبة الإفطار والسحور من المنزل لأن وجبة المنزل لها طعم مميز غير المطاعم.