سعاد رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» إشارة إلى ما نشر في صحيفتكم في العدد رقم (15970) الصادر في 4/6/1431ه تحت عنوان (يتاجرون بقضايا الرأي العام بحثا عن المال والشهرة.. محامو الصف الثاني ميثاق الشرف أو الخروج من الباب الخلفي) وما لحقه من ردود في العدد الصادر في 11/6/1431ه تحت عنوان (معيار العدالة قوة جانب المتهم لا أحكام المجتمع المسبقة)، ثم ما كتب بعده تحت عنوان (من يجرؤ على تصنيف القضاة) في العدد الصادر في 17/6/1431ه، وأود نشر هذا التعقيب الختامي مع جزيل الشكر.. انطلاقا من الكلمات المضيئة لخادم الحرمين الشريفين التي سطرها عند قيام الحوار الوطني حين قال «إننا في هذا الوطن الحبيب لم نحقق ما حققناه من أمن وأمان ورخاء ورفاه إلا بفضل العقيدة الإسلامية ثم بفضل تمسكنا بوحدة الوطن وإيماننا بالمساواة بين أبنائه، وأن أي حوار مثمر لا بد أن ينطلق من هاتين الركيزتين»، ثم قال حفظه الله «إن آداب الحوار يجب أن تنطلق من منهج السلف الصالح الذين كانوا لا يجادلون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة ويعملون بتوجيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)، كما كانوا يعتبرون سب المسلم فسوقا وقتاله كفرا وهذا هو الطريق السليم للحوار، إلى أن قال حفظه الله ورعاه «إن شعبنا السعودي لا يرضى بديلا عن الوسطية المعتدلة التي ترفض الغلو والتعصب بقدر ما ترفض الانحلال والإباحية». من خلال هذه المفاهيم العظيمة التي رسخت مفهوم الحوار وسلوكياته في المجتمع حتى أصبح والحمد الله منهجا للتعامل مع مختلف القضايا كان حوارنا عبارة عن حديث شخصين بهدف الوصول إلى نقاط مشتركة وهو ما تحقق حين ورد في مقال (من يجرؤ على تصنيف القضاة) ما نصه «لم يكن المقصود من المقال بالدرجة الأولى التصنيف، إذ التصنيف فيه إحراج لا يمكن رده بقصد ما كان الهدف تبسيط النظام ودعوة كل المهتمين لقراءة النظام قراءة هادئة فاحصة لتخرج النتيجة بأن المهنة ذات أهمية لا يمكن إغفالها، فهي الكفة المكافئة لكفة القضاة، فالمحامون كانوا وما زالوا هم أعوان القضاة وأول خدام العدالة وخير من يحمي الحقوق»، انتهى. ولما كان كل حوار هادف بناء لا يرقى إلى الكمال، إذ كل أمر له إيجابياته وسلبياته ومن سلبيات حوارنا من وجهة نظري استعجال أحد الأخوة في طرح وإبداء رأيه قبل انتهاء المتحاورين من إبداء أرائهما والتعقيب النهائي على رأي المحاور الآخر، ويتمثل ذلك في مقال نشر في جريدتكم الغراء تعليقا على هذا الحوار في العدد رقم (3269) وتاريخ الأحد 16/6/1431ه تحت عنوان (أيد القاضي الرزين في تقسيم المحامين إلى صنفين الصيخان يرد على الجميعي موقفك شخصي ولم تدافع عن المهنة). فلقد أستعجل الأخ المتداخل الأمر قبل أوانه، ومن أستعجل أمرا قبل أوانه عوقب بحرمانه، ولهذا كان في مقال (من يجرؤ على تصنيف القضاة) ردا كافيا على الأخ المتداخل الذي لم يفرق إلى الآن بين كتابة مقال صحافي ينشر في الصحف وبين كتابة مذكرة دفاع تقدم أمام المحاكم، فأسهب في دفاع طويل فهمت منه أنه يقبل التصنيف والتقسيم وإقصاء الآخر، ويقبل أن يكون هناك صف أول وصف ثان إلى آخر ما سطره حتى أنه مجد وتفاخر بالهجوم على المحامين حين ذكر (أنعم به وأكرم من هجوم)، ثم أكمل سرد مرافعته في تكرار غريب لكل ما رفضته في ردي وما يرفضه كافة زملاء مهنة المحاماة حين ختم مرافعته بعبارة «كما أن الثابت سعادة المحامي أنك تجاوزت كثيرا وأخطأت جللا متمنيا لو استبدلت عبارة (كاتب المقال) بعبارة أخرى يرى أنها أكثر عذوبة .... إلى آخر ما ذكره في مرافعته». والرأي هنا أنه كان للاستعجال دوره في ما طرحه الزميل المتداخل، فقد ترافع ودافع في غير موضع دون أن يطلب منه، والمعروف أن المحامي لا يترافع ويدافع عمن لم يطلب منه ذلك فما هو موقفه الآن من نفسه بعدما وصلنا إلى هذه النتيجة من أنه «لم يكن المقصود من كتابة المقال هو التصنيف إذا التصنيف فيه إحراج لا يمكن رده»، فأي إحراج وقع فيه الآن الأخ المتداخل بعد دفاعه الطويل عن مقال نقضه كاتبه وعدل عنه؟! ألم يذهب دفاعه سدى؟! وهل سيكتب الأخ المتداخل غدا أنه سيعدل عن رأيه أيضا؟! أو أنه لم يكن يقصد الدفاع عن التصنيف؟!. إنني أربأ بنفسي وبالأخ المتداخل من أن تكون مداخلته مبنية على تقديس المسميات الوظيفية والأشخاص والحجر على الرأي الآخر إن كان موجها ضد شخص صاحب نفوذ اجتماعي أو منصب رسمي وعندها نقول له (ما هكذا يا سعد تورد الأبل)، أما ما يمكن قبوله كعذر لو حاولنا التماس العذر له هو أنه أورد في مقاله أنه لا زال يسأل غيره في قبول القضايا من عدمها وكنت أتمنى أن يسأل غيره ويستنير برأي أساتذته قبل أن يقدم مرافعته تلك عل أحدهم، يذكره بالمبدأ الفقهي (كل يؤخذ منه ويرد). المحامي سليمان الجميعي