سعادة رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» نشير إلى المقال المنشور في صحيفتكم الغراء في العدد رقم (15977) الصادر في تاريخ 11/6/1431ه تحت عنوان (معيار العدالة قوة جانب المتهم لا أحكام المجتمع المسبقة) بقلم المحامي سليمان الجميعي، والذي تضمن ردا على مقال سابق لصاحب الفضيلة القاضي حمد بن محمد الرزين، بعنوان (محامو الصف الثاني.. ميثاق الشرف أو الخروج من الباب الخلفي)، ونود أن ندلي برأينا فيما يتعلق بالموضوع بشكل عام مما بيانه التالي: بداية نستغرب استهلال الأخ المحامي سليمان الجميعي مقاله بإشارة لما تعلمه من الامتناع عن الثأر لأمر شخصي، فمقال فضيلة القاضي حمد الرزين، كان واضحا لا لبس فيه، ولم يتعرض لشخص بعينه أو موضوع بذاته بل خص شريحة من المجتمع، وكان بعيدا تماما عن الشخصنة، إلا أن عبارة الزميل الفاضل ألبست علينا فلم نعد نعلم أين مكمن الثأر الذي تجنبه بفضل علمه، ولا أسبابه. إلا أن المريح في الموضوع عموما أن موضوع الثأر كان أمرا منقضيا بفضل ما تعلمه الأخ المحامي، وهذا من نعمة الله ومنته، وكفانا الله وإياكم الثأر والثائرين. أما ثانيا، فإن الأخ المحامي قد سبب مقاله بما تتعرض له مهنة المحاماة والمحامين عموما من هجوم من كل من أراد أن يظهر عبر وسائل الإعلام دون مناسبة، حتى أصبح الخوض في مهنة المحاماة والحديث عنها هو حديث من لا حديث له، وذكر أن الرد واجب يمليه الضمير المهني للدفاع عن هذه المهنة السامية. ونقول إننا وبالرغم من اطلاعنا على مقال صاحب الفضيلة في حينه، فإننا رجعنا إليه مرة أخرى لعلنا نجد محلا لما وصفه الأخ المحامي من أنه هجوم على المهنة لنستوعب ما أورده في مقاله، إلا أننا لم نجد سوى وجهة نظر شخصية لرجل يتعامل يوميا مع عشرات المحامين، من واقع عمله كقاض، وقد خلص فيها إلى أن هناك محامي صف أول ومحامي صف ثاني، فهذا كل ما خلص إليه، فأين كان الهجوم الذي يدعيه الأخ المحامي، ثم كيف يكون ما جاء في المقال هجوما على المهنة والمحامين، وقد ورد فيه ما نصه (أولئك القوم الذين اتخذوا المحاماة صنعة ووسام شرف على صدورهم، همهم الأول إقامة راية العدل والدفاع عن المظلومين، ولهم صيتهم وسمعتهم التي لا يزايدون عليها... ) أبهذا يكون الهجوم على المهنة والمحامين؟، وإن كان ذلك هجوما، فأنعم وأكرم به من هجوم!. أما ما ذكره الأخ المحامي من أن الخوض في مهنة المحاماة والحديث عنها هو حديث من لا حديث له، فاعتقد أن من الواجب على من يكتب أن يعمل حسابا لمن يقرأ، فإن يكون فضيلة القاضي أي كاتب المقال بحسب تعريف الأخ المحامي لا حديث له، فاعتقد أن هذا أمر غير مستساغ عقلا ومردود على صاحبه ولا يقبل ممن له قدرة على وزن الأمور وحسابها، ولو كان فضيلته لا حديث له فيما يخص مهنة المحاماة، فلمن إذن يكون الحديث؟. أما ما ذكره الأخ المحامي من أن الرد واجب يمليه الضمير المهني للدفاع عن هذه المهنة السامية، فبالرجوع إلى مقال فضيلته، وما تأكد لنا من أنه لم يحتو أيا مما يدعيه الأخ المحامي من هجوم على المهنة والمحامين، وخير دليل على ذلك ما اقتبسناه من مقال فضيلته وأوردناه أعلاه، وبالتالي انعدام محل الرد، واعتبارا لما ذكره المحامي الفاضل في مستهل مقاله من أنه تعلم أن لا يثأر لأمر شخصي، نجد بالربط بين ذلك كله استنتاجا نتمنى أن نكون مخطئين فيه، وأن يثبت لنا أنه ليست هنالك أية شخصنة للموضوع وتلبيس لذلك بأنه دفاع عن المهنة!. ثالثا: ذكر الأخ المحامي ما نصه (بدأ كاتب المقال محل الرد مقاله بأن ذكر أنه قابل المحامين ودار جدل... ) وبالرجوع إلى مقال فضيلته وجدنا فيه أنه ذكر أنه جمعه لقاء على هامش أحد الملتقيات الحقوقية بمجموعة من المحامين، وبالتالي ففضيلته لم يقابل المحامين وإنما جمعه لقاء ببعضهم ممن حضر أحد الملتقيات الحقوقية، والاختلاف بين العبارتين واضح لكل من يقرأ ما بين السطور، وكان الأولى بالأخ المحامي إيراد ما ذكره فضيلته كما هو دون تحريف أو تغيير. رابعا: ذكر الأخ المحامي ما نصه (إنه بئس محام يسأل غيره في قبول قضية من عدمها) ونقول له ولماذا لا يسأل المحامي غيره ممن فاقه علما وخبرة؟، ألم تسل أنت أخي المحامي أحدا من قبل عن رأيه في قضية ما عرضت عليك وهل من المجدي أن تستلمها؟، أمنذ مارست المهنة وأنت عالم بكل ما التبس من معطيات قبول الدعاوى وردها؟، فإن كنت كذلك فنرجو ألا تعمم البؤس على من لم ينعم الله عليهم بما أنعم عليك، ومنهم العبد الفقير إلى الله كاتب هذا المقال، فهناك من المحامين وأساتذتنا منهم، من يسأل ويستنير بالرأي مهما كان الأمر بسيطا، والفضل لذي الرأي لا سيما إن كان قاضيا نزل ليجيب من سأل وينير عقل من استفهم. خامسا: ذكر الأخ المحامي ما نصه (وفي المقابل ضاع قاض نسي دوره المتمثل في إصدار الأحكام والفصل في القضايا وتفرغ لتوجيه المحامين فيما يقبلونه أو يرفضونه)، ونقول إنك تجاوزت في هذا كثيرا، فهل إسداء قاض النصح لمن طلب، ينسيه دوره في إصدار الأحكام والفصل في القضايا؟، فمالك أخي كيف تحكم؟ أهذا منطق مقبول عقلا؟ وكيف يكون من يسدي النصح قد تفرغ لذلك جزما من عندك، ألا يمكن إسداء النصح وأداء العمل، وهل إسداء النصح بخصوص قضية على هامش ملتقى حقوقي يضيع إصدار الأحكام والفصل في القضايا؟ أين الترابط في كلامك، وأين المنطق في عرضك لنظريتك، نعتقد أن عبارتك تلك نفت عنك ما ادعيته في مستهل مقالك، من أنك تعلمت ألا تثأر لأمر شخصي. سادسا: ذكر الأخ المحامي أن فضيلة القاضي قد قسم المحامين إلى فسطاطين أو فريقين، وذكر أن فضيلته قد سرد اشتراطات على المحامي الذي يريد الدخول في الفسطاط الأول وهذه الاشتراطات كما ذكرها المحامي في مقاله نقلا كما يدعي من مقال فضيلته هي؛ 1) من لا يقبل الأتعاب الباهظة من المحامين. 2) أن يتخلى عن القضية بعد استلامها. 3) من عاد وفضح موكله على رؤوس الأشهاد. ولا نخفيكم أننا وبعد قراءة هذه الاشتراطات أصبنا بنوبة هلع إذ كيف يكتب فضيلته ذلك!، ورجعنا فورا مرة أخرى إلى مقال فضيلة القاضي وقرأناه مجددا لنتأكد ويثبت لنا التالي: 1) أن فضيلته لم يتعرض مطلقا في مقاله لأتعاب المحامين ولم يشترط أبدا ألا تكون أتعابهم باهظة. 2) أن الشرط الثاني الذي كتبه المحامي نقلا من مقال فضيلته مجتزأ وناقص في مقالة المحامي، ففضيلته ذكر ما نصه «ومنهم من تخلى عن القضية فور علمه بأن موكله مبطل». 3) أن الشرط الثالث الذي كتبه المحامي نقلا من مقال فضيلته أيضا مجتزأ وناقص في مقالة المحامي، ففضيلته ذكر ما نصه «ومنهم من عاد وفضح أمر موكله بعد أن اكتشف أنه ظالم وأنه غرر به ودفعه لمواجهة المحكمة بدلا عنه». وعليه نقول لسعادة المحامي ما سبب هذا الاجتزاء للنصوص وما الغاية من وراء ذلك؟ فهل هذا للدفاع عن المهنة بدافع من ضمير؟ هل تقطيع النصوص واجتزاؤها وتغيير المنقول واللبس على القارئ من مبادئ الدفاع عن المهنة؟ وماذا عن من لم يقرأ مقال فضيلته وقرأ مقالكم مباشرة وماذا سيعتقد؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ إن ما ذكرته من أنه لا يوجد محام على وجه الأرض يقبل بالشروط الثلاثة التي ذكرتها أنت في مقالك أمر نوافقك عليه، ولا نوافقك على أن ما ذكرته من شروط في مقالك هي الأوصاف التي ذكرها الشيخ في مقاله. سابعا: ذكر المحامي في معرض وصفه لما أورده فضيلته، ما نصه «وكأنه يخندق جل المحامين في هذا السرداب» ويقصد بذلك من اعتبرهم فضيلته محامي الصف الثاني، ونقول لماذا افترضت أن فضيلته قد خندق جل المحامين في هذا السرداب، ولماذا لم تفترض أنه جعل غالبيتهم ضمن محامي الصف الأول، علما أن فضيلته وصف صنفين ولم يكثر احدهما أو يقلل الآخر، ففضيلته قد ذكر بخصوص محامي الصف الثاني كما عرفهم ما نصه «وقد عانينا وما زلنا نعاني من هذه الفئة التي نراها ولله الحمد في تناقص مستمر»، فمن أين أتيت سعادة المحامي بهذا الافتراض؟. ثامنا: ذكر الأخ المحامي في وصف لما أورده فضيلة القاضي، ما نصه «... وكأنه يريد أن يعيدنا إلى زمن سابق كان المحامي الشرعي يحصل على رخصته فيه من خلال التزكيات، وكأن المراد من ذلك أن تقتصر المهنة على فئة معينة خاصة من المجتمع لا يستطيع المحامي الناجح أن يصل إليها إلا من خلال التزكيات، وكأني به يطالب بإلغاء نظام المحاماة الصادر حديثا .»، ونقول لماذا التجني على فضيلته بمثل هذا؟ ارجع إلى مقاله وستجد أن ما يقارب الخمسين في المائة منه تحدث فيه عن نظام المحاماة ومواده وأثنى عليه بما رعاه ذلك النظام من ميثاق شرف للمهنة، وأنه نادى في آخر مقاله بضرورة تطبيق مواد هذا النظام مادة مادة، فكيف إذن يصبح كمن ينادي بإلغاء النظام، نور الله بصيرتك، ثم كيف يكون المراد من الحصول على رخصة المحاماة من خلال التزكية أن تقتصر المهنة على فئة معينة خاصة من المجتمع؟ ألم تكن التزكية معمولا بها قبل صدور النظام؟ فهل كانت هناك فئة خاصة من المجتمع هي من تمارس المهنة وحدها؟ وما المقصود بفئة خاصة أي ما هي ميزاتها عن غيرها؟ أخيرا.. فالثابت بالاطلاع على مقالك وبالرجوع إلى مقال فضيلة القاضي، أن فضيلته قد أبدى رأيه، وهذا حق ثابت له لا جدال فيه، والثابت أيضا أنه لم يهاجم مهنة المحاماة أو المحامين بأي شكل من الأشكال، ففي كل مهنة أو صنعة محسن ومسيء وصادق وكاذب، وقد بين فضيلته ذلك، ونرجو من كل مهتم بهذا الوسط وسط المحاماة أن يبدي رأيه، لنبني حوارا بناء يرتقي بالمهنة والعاملين بها، كما أن الثابت من جهة أخرى سعادة لمحامي أنك تجاوزت كثيرا وأخطأت جللا، فأنت لم تدافع عن المهنة كما تدعي لأنها لم تهاجم أصلا، وإنما دافعت عن موقف يخصك وحدك لا علاقة للمهنة به، كما أن الثابت أنك اجتزأت عبارات فضيلته وبنيت على مفهومها المجتزأ لتنتج جملا وعبارات تحقق هدف ترجوه، وآخرا كنت أتمنى سعادة المحامي أنك لو استبدلت عبارة (كاتب المقال) بعبارة أجمل وأكثر عذوبة نكتبها دائما نحن المحامين سواء في مذكراتنا أو مخاطباتنا، لنخاطب بها شيوخنا وأساتذتنا ممن هم أهل لها، ألا وهي «صاحب الفضيلة». المحامي: ثامر بن عبد الله الصيخان