«الملابس، المكياج، أثاث المنازل» هذه بعض الأمثلة للصور الغريبة والصحيات العجيبة التي غزتها تلك الموضة العولمية، والتي طالت بعد ذلك العادات والتقاليد، ولتمتد لمهر العروس الذي أصبح يقدم بصور عديدة وجديدة، وأخفيت تلك الصور القديمة التقليدية التي كان يقدم بها، وسجل المهر نفسه كموضة جديدة تجتاح المجتمع بأسلوب مختلف ومغاير الأمر الذي جعل الانقسام موجودا بينهم، فبين البعض رفضهم الشديد لهذا الأمر وأنه نوع من أنواع البذخ والاستهتار غير المبرر والمبالغ به، بينما أعجب البعض الآخر به وأكدوا أنه نوع من أنواع الحداثة والخروج عن المألوف. «عكاظ» تواصلت مع الجنسين، والمهتمين بالموضوع، وبينت القصة كاملة في السطور التالية: وتبددت الصور القديمة لتقديم مهر العروس التي كانت تقدم مغلفة بقطعة قماش أو ستان أو تل ويزين بالشرائط والورود، وكذلك يقدم في علبة فاخرة منحوتة ببعض العبارات التي تحمل اسم العروسين أو أبيات الشعر أو الآيات القرآنية، وتحتفظ بها العروسة للذكرى لتريها أبنائها وأحفادها؛ لإن المهر سنة مؤكدة. تطور سيئ بينت السيدة خالدة أحمد أن الأمر الذي آل إليه المهر في هذه الأيام يعدو أمرا مؤسفا ومحزنناً، فقالت: «توحي هذه الصراعات أن مجتمعنا أصبح مستهترا وغير مسؤول عن تصرفاته وأفعاله»، وتساءلت إذا ما كنا نريد الخروج عن المألوف الا يمكن لنا أن نختار الصور الصحيحة والسليمة لهذا الأمر، أما أننا نواكب التغير بغير ما نريد. ووافقتها الرأي نجاة الشهري التي أكدت ضرورة التطور ولكن ليس بالشكل المشين كما يحدث الآن في تقديم مهر العروس، فقالت: «لا يمس بأي صلة تكون هذا الأمر التطور أو التقدم، بل تعبر عن صورة سيئة وسلبية عن مجتمعنا»، وتضيف «من يقوم بوضع المهر على شكل بوكية ورد؛ يعتبر مستهترا بالنعمة فيجب احترامها بشكل جيد ولائق وهذا الاحترام تلاشى تماما فيما رأيناه في طرق تقديم المهر». وألمحت إلى أنه سترفض أي عريس يقدم لإحدى بناتها المهر بهذه الطريقة؛ لإنه مستهتر ولن تطمئن على ابنتها معه. ومن جانبها رأت جيهان الأحمد أنها تحبذ التطور البناء، وليس السيئ المؤسف، وما يقدم به المهر الآن لا يعتبر تطورا هادفا وبناء، بل مؤسف ومخجل وسيئ، ويصل إلى عدم اللباقة في تقديم أمر مقدس ومشروع، وأضافت: «أرفض هذه الطريقه شكلا ومضمونا فالحياة الزوجية حياة مقدسة تقوم على الاحترام، والألفة والعشرة الطيبة، وإذا بدأت بهذا الشكل سوف تستمر الحياة على هذا المنوال، وبالتالي سيكون نمط الحياة التي سوف أعيشها الاستهتار فمن يستهتر بالمال سوف يستهتر بي كإنسانة ذات مشاعر وأحاسيس». انقسام ناعم وعارضتهم الرأي الشابة رنيم ماجد التي بينت أنها لا ترى حرجا من تقديم المهر بهذه الطريقة، ولا تمانع بإن يقدم لها المهر بهذا الشكل الجديد، الذي يعد خروجا عن المألوف والتقليدية، وقالت: «سيبعث في نفسي السرور والبهجة، لما يحوية من رونق جميل ورائع وجذاب، وبعيدا عن التقليدية والسطحية الموجودة، وسوف أكون متميزة عن بقية الفتيات». ترد عليها زميلتها علية الفايز لتقول: «المال نعمة أنعم بها رب العباد على خلقه فكيف لنا أن نقدمه بهذه الطريقة الاستهتارية، التي تشكل إهانة واضحة وصريحة لما قدمه لنا ربنا، ولكن من الجميل أن نضع عليه قطرات من العطر، أو أن نرش عليه قطرات من العطر، أو أن نزين الصندوق الذي يقدم به بالورود والزهور». ووافقتها الرأي نجية حسن فقالت: «في حال أن قدم لي عريسي مهري بشكل بوكية ورد أو أي شكل آخر فلن يكون مني إلا رفض العريس على الفور؛ فمن لا يعرف قيمة المال ويستهتر به سوف يستهتر بي ولن يقدرني». وعللت ذلك الرفض بإننا إذا وافقنا على هذا الأمر فربما يتطور الأمر مستقبلا ليطول الإهانة للطعام، والشراب. تقاسم خشن بينما انقسم الموكلون بهذا الأمر وتباينت آراؤهم بين الرفض والقبول، فرفض بشدة الشاب خالد محمود فقال: «المال نعمة من الله ويجب احترامها ونقدرها ولا يعني أوجه الإنفاق فقط، ولكن طرق التقديم في مهر العروس فيمكن لمن أراد أن يقدم مهر عروسه بطريقة جيدة أن يعمل على تزيين العلبة التي يوضع بها المهر ولدية حرية الاختيار». وبين أنه سوف يصرف النظر عن أي فتاة يتقدم لها وتطلب هذا الأمر؛ لأن المال نعمة ومن العيب البذخ والاستهتار به. وأيده الرأي أحمد الغامدي بقوله «الترف والاستهتار سبب لزوال النعم لذا يتوجب الاحترام هذا مبدأ لجميع حياتي ولن أخرقه بسبب رغبة أي شخص، وليس كل جديد أو موضة حديثة قابلة للاستخدام، لذا يجب علينا أن نأخذ ما يتماشى معنا وترك غير ذلك». ومن جهته قال نادر جميل «أعيش في مرحلة خطوبة وسوف احتفل بزفافي بعد أشهر وقدمت مهري لعروسي بالطريقة التقليدية بحيث وضعته في صندوق جميل ومزين، ولا أجد حرجا في تقديم المهر بالطرق الحديثة والذي يدخل البهجة على قلب العروس وأسرتها وفي جميع الأحوال سوف تستخدم العروس المهر سواء كان على شكل شجرة أوه ورود أو في صندوق». موضة جاهلة ورأت الإخصائية الاجتماعية نورة محمد أن التغييرات الاجتماعية التي تطرأ على جميع جوانب الحياة تلاحظ في طريقه عيش الأسر، مرجعة التغير إلى الانفتاح والتعليم والاحتكاك بالآخرين، مبينة أن كثيرا من التغيرات التي دخلت على مجتمعنا كانت إيجابية، واستدركت «لكن في المقابل هناك عدد من المتغيرات سلبية وهنا يأتي دور الأسرة حيث يعتبر من أهم الأدوار التي تلعب الدور الأساسي في حياة الفرد سلبا أو إيجابا ثم يأتي دور المدرسة وبعده دور المجتمع». وأضافت «من هنا نجد أن العبء الأكبر على الأسرة في غرس قناعات معينة في نفوس أبنائها وهذا القناعات تلازم الفرد معظم مراحل حياته، إما أن تكون القناعات سلبية أو إيجابية ومن الطبيعي أن تتغير بعض القناعات بتأثير المدرسة والمجتمع ولكن يظل دور الأسرة هو الأساسي». ورأت أن القناعات التي من المفروض أن تغرسها الأسرة عدم الركض وراء كل جديد لأن الحياة تحمل لنا الجديد بشكل مستمر وعلى الشخص التفريق بين النافع وغيره ومن هذا التطورات أو الموضة لبعض الأشياء وإن وجدها البعض عادية وغير مضرة إلا أن الأساس في التربية يظهر في هذه الأثناء. وأشارت إلى أنه من الأشياء المهمة التي يجب أن تغرس في نفوس الأطفال الاحترام الذي يشمل كل شيء فإذا تعلم الطفل الاحترام منذ الصغر سوف يجد نفسه يطبقه على كل شيء في حياته وسوف يرفض بشكل تلقائي الاستهتار وعدم الاحترام الذي يواكب الموضة سواء كان ذلك في تقديم مهر أو في ملابس أو في أي شيء آخر لأن لدية أساس منذ الصغر يسير عليه باقي حياته. مؤكده بقولها من غير الصحيح أن تعلم الأسرة طفلها شيئا لا تطبقه أثناء حياتها لأن الطفل بطبعه يحب المحاكاة لذا على الأم والأب أن تكون قناعاتهما واحدة قولا وعملا حتى لا يكون لدى الطفل ازدواجية في شخصيته. مجاهرة بالإسراف وبين أستاذ نظم الحكم والقضاء والمرافعات الشرعية والخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي والمحكم القضائي المعتمد في وزارة العدل الدكتور حسن سفر أن الأصل في الشرع أن المهر شرع لمقاصد وحكم منها الحق المؤكد للمرأة وهو رمز لمكانتها وقد تطورت مستجدات العصر حيث تغير دفع المهر من نقد إلى شيك وفي عصر العباسين كان المهر يقدم في صندوق فاخر من العاج، ولكن أن يشكل المهر في شكل بوكيه ورد فهذا يعد ضربا من ضروب الترف الذي لا ينبغي أن يكون لأنه يعبر عن الامتهان والتفسخ والإسراف وهنا يبرز دور خطباء المساجد وأساتذة الجامعات والمسؤولين في مجالس الأحياء في توضيح أن هذه الظاهرة تسيء للمجتمع بشرط أن يكون الأسلوب محببا وغير منفر.