هناك مثل صيني يقول «إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحا، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة، أما إذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنسانا». لكن إذا وصلنا أنا والقراء إلى سن المائة بحول الله، فمن المؤكد أن موسم حصادنا قد آن أوانه! وبما أنني لست شريرا لأحاول قتل أحد، فالأعمار بيد الله سبحانه، غير أن عندي اليوم كلاما يفرح الكبار الذين تعودوا مساكين على الأخبار التعيسة دائما. فقد قرأت أن شخصيات الناس تتغير إلى الأفضل مع العمر، ويصبح الأفراد أكثر لطفا وكرما وحلما مع تقدمهم في السن! وثبت هذا الكلام بعد أن خضع المئات من الأشخاص في أمريكا إلى عشرات الاختبارات الشخصية التي تقيم الخمسة الأجزاء الرئيسية من شخصية كل إنسان؛ وهي الضمير والوعي والقدرة على الاتفاق والتوافق، والعصبية والانفتاح، والانبساط. ووجد الباحثون أن الوعي والضمير ازداد خلال الحياة، خصوصا أثناء سنوات العشرينيات، وهذا يعنى أن البشر يصبحون أكثر تنظيما وانضباطية، كما تحسنت التوافقية مع الحياة ومرور الزمن، خصوصا عند الأشخاص في سن الثلاثينيات، وهذا حسب الباحثين يترجم عمليا بأن الإنسان يصبح أكثر دفئا وحنانا وكرما وتعاونا. كما تبين أن العصبية تقل مع تقدم السن بين النساء، ولكنها لا تتغير عند الرجال. وظهر كذلك أن الرجال والنساء يصبحون أقل انفتاحا مع السن، وتصبح النساء أقل انبساطية ولا يظهر هذا الأثر عند الرجال مع تقدم العمر. أما زبدة الكلام من تلك الأبحاث الطويلة فهي أن الشخصية قد تتغير خلال الحياة، وأن الإنسان يستمر في النضج مع دخوله في مرحلة البلوغ ومنتصف العمر. وليس عندي بعد كل هذا الكلام (العلمي جدا) سوى ملاحظة أن كل ما سبق لا ينطبق على كل الناس، فهناك عشرات البشر أعرفهم شخصيا ازدادوا بخلا ونحسا وعجرفة وربما سخافة مع كبرهم! ونحن وكثير من القراء لا نطلب سوى حسن الخاتمة ليس إلا! [email protected]