ألمح مدير عام هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة الدكتور أحمد قاسم الغامدي، أن بعضا ممن اختلفوا معه في رأيه حول «الاختلاط» هم من منسوبي الهيئة سبق وأن كان حازما معهم في مخالفات إدارية ارتكبوها، فأوقع بحقهم العقوبات الإدارية، مشيرا إلى أن ردهم عليه هو «احتقان»، و«تأليب»، و«رد اعتبار»، معتبرين رأيه الذي نشر في «عكاظ» ورقة رابحة لهم لرد اعتبارهم من تلك العقوبات، مبينا أن «بعضهم كان يحمل فكرا متشددا لم نكن نقبله في جهاز الهيئة». وجدد الغامدي في محاضرته البارحة الأولى في الخيمة العكاظية في نادي الطائف الأدبي الثقافي حول «علاقة الهيئة بالمجتمع»، رأيه بجواز الاختلاط، نافيا تراجعه عن ذلك الرأي، مقرا «أن عمل المرأة في الهيئة جائز ولا غبار عليه من الناحية الشرعية، وتوظيفها يعود لصاحب الصلاحية»، مشيرا إلى أن التمسك بالعادات والتقاليد من ألد أعداء التغيير والتطوير. وأوضح الغامدي أن «الستر» أحد أنواع العلاج لإصلاح المجتمعات، وهو «الجانب المهم والمعول الأول لإصلاح المخالف، سواء كان ذكرا أو أنثى، وليس صحيحا أن الستر يدعو الناس إلى تكرار ذلك، فهذا هو منهج ديني، ولكننا أحيانا نضطر لإحضار أحد أولياء الأمور (الأب، الأم، الخال، أو العم)، حسب ما يريده الشاب أو الفتاة، مبينا أن نجاح الهيئة في معالجة قضايا «الابتزاز» جعلها محل ثقة الفتيات في التوجه لها في مثل تلك القضايا». لا قسوة وأشار الغامدي إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يختص به جهاز الهيئة فقط، وإنما تشترك فيه كل قطاعات الدولة، مشيرا إلى أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينشد الصلاح والاستقامة دون قسوة، مستشهدا بعدة أمثلة نبوية تدعو للرحمة، اللين، النصح، والحكمة، منها: قصة الشاب الذي استأذن رسول الله صلى الله عليه سلم في الزنا وتعامل النبي عليه الصلاة والسلام معه، والرجل الذي كان يشرب الخمر وأمر بجلده وقال عنه الرسول أنه يحب الله ورسوله، وحديثه لمعاذ بن جبل بأن يخففوا على الناس في الصلاة، والمرأة التي زنت وتم رجمها، وقال عنها الرسول أنها تابت توبة لو وزعت على 70 من أهل المدينة لكفتهم. الأخطاء متنوعة وطالب الغامدي بالتفريق بين الأخطاء والمفاسد المضرة بالمجتمع، مثل: شرب الخمور، السحر، الشعوذة، الشذوذ، والدعوة للفجور.وبين الأخطاء الفردية التي لا يتعدى ضررها الفرد الواحد، مثل: معاكسة الشباب للفتيات، الذي يجب علينا مخاطبة عقله، ونصحه بالحسني، وتذكيره بالآثار السلبية العائدة عليه جراء ذلك.. كل ذلك بأسلوب ديني تربوي غير منفر، ومن ثم إعادته لنسق المجتمع. وعلى الرغم من تحسب إدارة النادي لحدوث ما يعكر صفو الأمسية بسبب آراء الشيخ الغامدي الأخيرة، والتواجد الكثيف لرجال الأمن حول النادي، لم تشهد المحاضرة أية معارضات أو خلافات حول آرائه، إلا أن مدير الأمسية خالد الحسيني حجب الأسئلة الموجهة للدكتور الغامدي عن الاختلاط، وقطع الحسيني خلال الأمسية كل الأحاديث عن ذلك، إلى جانب تهميشه لعدد من المداخلات؛ بحجة أن الصحف المحلية قد تناولتها سابقا، ولا داعي لذكرها مجددا. لم أمنع أحدا وتوجهت «عكاظ» للدكتور الغامدي قبل خروجه من مقر النادي، وسألته إن كان قد وجه مدير الأمسية أو إدارة النادي بمنع كافة الأسئلة المتعلقة بالاختلاط وعدم توجيهها له خلال الأمسية، فقال: «لم أمنع أحدا من توجيه أي سؤال لي عن الاختلاط، واكتبوا على لساني في جريدتكم أني مازلت عند رأيي عما قلته عن الاختلاط، ولم أتراجع عنه، ومقتنع به، وسأعيد وأكرر ما كتبته عن ذلك». رادا على شائعات محاولة منعه من الأمسية، قائلا: «سمعت بذلك، ولكن لم يمنعني أحد». حدثوني عن مكة ورفض الغامدي الرد على إحدى المداخلات بخصوص تجاوزات الهيئة في بعض مناطق المملكة، قائلا: «حدثوني عن فرع منطقة مكةالمكرمة فقط». وأجاب الغامدي على سؤال ل «عكاظ» حول تشويه عدد من المحتسبين لعمل الهيئة.. بأنهم سيقومون بمقاضاة المحتسبين الذين يشوهون سمعة رجال الهيئة في حال ورود أية معلومات عن ذلك، مشيرا إلى أن القبض عليهم ومنعهم من ذلك مسؤولية الحاكم الإداري، نافيا علمه بوجود هيئة نظم ومعلومات لمراقبة عمل الهيئة ومحاسبتهم. لا علاقة وذكر الغامدي في سياق رده على إحدى المداخلات التي ألمحت أن دور رجال الهيئة قل في دعوة الناس للصلاة في المساجد، وعلاقة ذلك ببحثه الجديد عن حكم صلاة الجماعة، أن الهيئة تقوم وفق تنظيمات وتعليمات محددة لا يمكن تجاوزها، ومن يرى منكم مخالفات شرعية أتمنى منه أن يبلغني بذلك، وسنتخذ الإجراء اللازم، مؤكدا أن بحثه الجديد عن (حكم صلاة الجماعة) لا يتعلق أبدا بعمل الهيئة ومن أرادها فليأخذ بها أو ليتركها. هذا وكانت الأمسية قد بدأت بكلمة لرئيس النادي حماد السالمي عن علاقة الهيئة بالمجتمع، وأن الهدف من الأمسية هي توضيح تلك العلاقة.. وقد انتهت الأمسية بكلمة لعضو النادي الدكتور عائض الزهراني شكر فيها المحاضر على ما قدمه، متمنيا أن تكون الأمسية قد حققت بعضا من الأهداف التي عقدت من أجلها.