قرر سائق الليموزين في آخر لحظة أن يكسب الزبون بالرغم من وجوده على الطرف الآخر من الشارع، وفجأة قام بحركة شبه انتحارية كاد فيها أن يصدم سيارتي صدمة تجسد جميع قوانين الحركة التي قدمها «إسحق نيوتن»... وخلال تلك الثواني المعدودات، سكبت الغدة الواقعة فوق كليتي إحدى الهرمونات المهيجة، فقلبت الأمور بداخل دورتي الدموية... أرسلت أوامر بضخ موجات تنبه بخطورة الوضع لكي ترفع من درجة التأهب للخطر الكبير ولتفادي الكارثة المرورية... وفجأة ارتفعت ضربات قلبي بشكل عجيب لتصل إلى مستوى مخيف... فوق المائة ضربة في الدقيقة الواحدة، علما أن معدل الضربات العادي بالنسبة لي شخصيا هو حوالي أقل من السبعين بقليل ولله الحمد والشكر... عجيب أمر النبض... هو من أول الإشارات التي يتم الإعلان بها عن حياتنا... وهو من آخر الإشارات التي يتم بالتأكد من خلالها على رحيلنا... وجوانبه الرقمية عجيبة، فعلى سبيل المثال بلغ عدد ضربات قلبي منذ مولدي إلى اليوم حوالي ألف مليون وتسعمائة وسبع وسبعين مليون نبضة... دفعت من خلالها كمية من الدم تعادل محتوى حوالي ثمانية عشرة علبة «فيمتو» في أوعية دموية عجيبة... بل وتفوق الخيال... تخيل أنك لو وضعت جميع الأوردة والشرايين الدموية التي أنعم الله عليك بها بشكل طولي... واحدة تلو الأخرى... فسيفوق طولها المسافة التالية: فضلا ركز معي... من أمام الطازج في شارع التحلية في جدة إلى الكورنيش... ثم عبر البحر إلى السودان الشقيق... ثم تكمل شمالا إلى القاهرة... ثم شمالا إلى لندن... ثم غربا إلى نيويورك... ثم غربا إلى لوس أنجلوس... ثم غربا إلى طوكيو... ثم كوالالومبور... ثم مومباي... ثم دبي... ثم الدمام... ثم مطعم «القرموشي» في طريق المطار القديم في الرياض... ثم عودة إلى الطازج في شارع التحلية في جدة... وأكثر من ذلك... وهذه من المعجزات الكثيرة في داخلنا سبحان الله... وهناك المزيد، فنبض المخلوقات يعتمد إلى حد كبير على حجمها فكلما كان أكبر، كلما كان النبض أقل... الفأر مثلا تصل ضربات قلبه إلى أكثر من مائتي ضربة في الدقيقة الواحدة... والفئران على الكورنيش الذين ينعمون بسهرات على فضلات المأكولات التي يتركها البعض، تجعل نبضهم يطير فرحا بالسهرة الجميلة... وأما نبض التيوس فهو أقل ويصل إلى التسعين... والله أعلم عن تيس «القرارة» العتيق الذي لا يعلم إنسان أسراره البيولوجية العجيبة... وأما الحصان فيصل نبضه إلى الخمسة والأربعين... والفيل يصل إلى الخمسة والعشرين... وسبحان الله أن بعض الأنظمة العجيبة «المفتوحة» تتسم بخصائص مختلفة تماما في موضوع النبض، فالصرصار مثلا أعزك الله له قلب مكون من ثلاثة عشرة حجرة، وله نظام دورة دموية عجيب جدا يمر من خلاله دمه الأخضر اللون ليوزع نعم الله على أجزائه المختلفة... تخيل ذكريات أنثى الصرصار»... قال لي إنه يحبني من كل حجرة من حجرات قلبه المفتوح الكبير، قبل هبوط المداس المرعب عليه فجأة...». أمنية هناك ما هو أهم من كل ما جاء أعلاه، فنبض الإنسانية بأكملها يقاس بمقدار اهتمامها بالعدالة، ونبض العدالة في العالم الإسلامي والعربي اليوم هو وضع القدس، وهو ليس على ما يرام منذ 1948. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة