عاش محمد حالة نفسية صعبة بعد أن تخلى عنه كل من زوجته وأبنائه وأهله، بعد أن طعن زوجته التي عاشت معه الدنيا بحلوها ومرها وأنجبت له أربعة أطفال، إلا أنه تجاهل كل ذلك وأغرته نزوة لتقوده للزواج على زوجته، لكن بمن تزوج؟! هنا تبدأ الحكاية. محمد اختار خادمته الآسيوية زوجة له بعقد رسمي قدمه لزوجته ثمنا للتضحيات التي دفعتها من أجله فتخلت عنه وهجره أطفاله وعافه أهله، حتى زوجته الآسيوية لم تكمل معه الشهر، حيث طلقها بسبب الخلافات الكثيرة التي دبت بينهما ليبقى وحيدا بعد أن تخلى عنه الجميع. مسلسل الزواج من الخادمات ما زال مستمرا في مجتمعنا، ولتتأكد من صحة كلامي ما عليك سوى مراجعة أقرب مأذون شرعي ليفيدك بعدد الزيجات التي أتمها لمواطنين على خادمات من مختلف الجنسيات. واقعة اجتماعية لا يمكن إخفاؤها أو تجاهلها أو نفي وجودها في المجتمع؛ فالرجل قد يعجب بخادمته أو قد يحتاجها فعلا إن كانت تقوم على رعايته لمرض ألم به.. «عكاظ» حاولت أن تعالج الأمر من ناحية شرعية مستطلعة رؤية الفقهاء لذلك ومن يحق له ذلك وما النتائج التي ستخلفه هذه الزيجات في إطار السطور التالية: جائز للمريض جوز أستاذ الفقه في قسم الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح السدلان الزواج من الخادمات عند الحاجة بقوله: «إذا وجد شخص مريض لا يقوى على خدمة نفسه، بل كانت الخادمة هي من تتولى رعايته وتهتم به وتنظفه، فالأولى للرجل أن يتزوجها». ولاحظ السدلان «أن هذا الزواج خير للرجل، خاصة أنها ستصبح له زوجة وخادمة في الوقت نفسه، ولن تتكشف عورته». وعزا أهمية زواج المريض بالشغالة إلى أنه من الرفق به والإحسان إليه والراحة له، حيث إنه أصبح يستطيع مصارحتها بحاجاته، إضافة إلى استقراره النفسي، وعدد السدلان الفوائد الكثيرة لزواج المريض من خادمته ومنها منع كشف عورته، وممارسته لحياته بطبيعة أكثر، وشعوره بالراحة في ظل وجود من يقوم برعايته. غير جائز واستنكر الباحث الشرعي الدكتور خالد المصلح ما توارد في الفترة الأخيرة حول زواج بعض الناس بالخادمات، مشددا على أن هذا الزواج لا يجوز ولا ينبغي، وذلك بسبب الظلم الذي يقع على الزوجة -أي الخادمة- نتيجة عملها كخادمة. وبين المصلح أن دوافع الناس تختلف للإقدام على هذا الزواج؛ فهناك من يقبلون على ذلك تجنبا للحرج من الاختلاء أو المخالطة لهذه الخادمة الأجنبية فيتزوجونها دفعا لهذا التأثم وتصبح حلالا للمخالطة، وزاد: منهم من يفعل هذا لتحقيق رغبة ولقضاء وطر وبالتالي لا غرض لهم من الارتباط إلا قضاء الوطر وتحصيل الشهوة، وهذا مقصد من مقاصد النكاح بلا ريب، مستشهدا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» وهذا من أعظم مقاصد النكاح وهو العفاف. ولفت المصلح إلى أن نكاح الخادمات من المواضيع التي يرد السؤال عنها كثيرا، لكنها لم تصل لظاهرة مشاعة كما يرى البعض، وأفاد أن علته في التحريم كون ذلك الزواج يشتمل على ظلم مبين للخادمة (الزوجة) وإن رضيت بذلك تحت وطأة الحاجة المادية، لكنها ستجد من الظلم الذي لا يطاق مما يحملها على تصرفات تؤثر على الشخص والأسرة أو ضرتها، بأي نوع من أنواع الأذى أو السحر أو غير ذلك، خاصة إن رأت زوجها يمارس مع ضرتها حق الحياة كاملة ولا يعطيها شيئا من ذلك، وأشار المصلح إلى أنه لا يمكننا القول إن الخادمة رضيت بإسقاط بعض حقوقها فتم إسقاط ذلك، بل إن قبولها كان بسبب الحاجة أو الإكراه. مراعاة الأعراف لكن الشيخ عبد الرزاق العبدلي رفض القول بتحريم هذا الزواج بشكل كامل، مبينا أن الزواج الذي تتوافر فيه أركان وشروط النكاح مع انتفاء كل الموانع زواج صحيح؛ سواء أكان من الشغالات أم غيرهن، وأوضح العبدلي أن زواج الخدمات يفتقر بعض الشروط، ومنها افتقاده للعلانية وإجراؤه خلف الكواليس مما ينتج عنه المشاكل والضغوطات التي تعيق سير الحياة الصحيح، واستدرك العبدلي:«لكن الجهر بالزواج مع مراعاة الأركان والشروط سيجعل الزواج له وضع آخر وإن كان مع الخادمة». وشدد العبدلي على ضرورة مراعاة ثقافات وأعراف المجتمع الذي نعيش فيه؛ سواء في الزواج أو غيره؛ لأن العرف قد يفصل في بعض الأحكام الشرعية، فالمهر مثلا يعود تقديره عند الاختلاف إلى العرف، وأفاد العبدلي أن الاقتران بالخادمة فيه بعض الأضرار كتضييع الأسرة مستقبلا -التي كونها مع الخادمة- إضافة إلى العيش في غموض وتخوف. وخلص العبدلي إلى أنه لا يوافق على هذا النوع من الزواج حتى إن توافرت الشروط؛ وذلك لما يحويه من خداع للخادمة من قبل البعض كان يعدها الزوج بأمور مادية أو بالإنجاب لتكتشف الخديعة بعد زواجها وتصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.