منذ زمن طويل لم أدق أبواب الأفراح، ولا خرجت من بيتي لحضور حفل فرح أو عرس، وأتذكر في هذه اللحظة صوت القائل وهو يغني (يا ليتني أملك الأفراح وأتصرف بها وحدي)، فمنذ هجرة الفرح عن دنياي ما بحثت عنه، وكلما وصلتني دعوة لعرس كنت أوسدها الدرج مع الذكريات وأقول بارك الله لهما ... والمعذرة، إلى أن كانت الليلة .. وها أنا... أجمع لكم الحروف في نهايتها وقبل شروق صبح اليوم التالي! كان حلوا بهاء هذه الليلة والأحلى أن تكون كهذه الليلة ليلة الفرح الأول لي بعد تسع من السنين عجاف، فالإنسان ينسى في ذروة تجديفه ضد الغرق حزنا أن يختطف فرحا يعيشه ولو لدقائق أو لساعات، فبعض الناس عندما تستوطنهم الأحزان وتحيط بهم الشدائد يستسلمون لموال الحزن الطويل ويمشون على الشوك وكأنهم مصابون بالتنويم المغناطيسي لا يلتفتون يمنة أو يسرة بحثا عن فسحة يجففون فيها منابع الحزن ويقفون بها على أرض ناعمة بلا شوك ولو لفترة وجيزة. إن الأصعب من الحزن الاستسلام له، والبقاء في دائرته، والامتناع عن محاولة كسر الدائرة المغلقة. قد تفعل الأيام ضدنا ما تشاء لكن علينا بالمقابل أن نعيش كما نشاء كلما واتتنا الفرصة لاستطعام الحياة حتى لا نقوم بدور «المروحة» في قبضة الحزن العنيد يحركها في الاتجاه الذي يريد، إن قبول دعوة على العشاء أو دعوة حفل عرس، أو حتى زيارة عادية، أمور بسيطة لكنها في جوهرها انتصار على الحزن الدفين، وتحجيم لامتداده وسيطرته على حياتنا، وعندما يعز الخروج من جوف القهر لا بد من اصطناع اللحظة التي تقوينا ولا تضعفنا، كلقاء صديق، كالمشاركة في إسعاد إنسان، وهكذا سلوكيات بسيطة لكنها تجلب السعادة حتى لو كانت بعيدة، وليكن الغصن ميالا حيث تميل الريح لكن لا يجب أن ينكسر، وكنت أحسب أن تغييرا قد حدث في مناسبات الأفراح وفي التعبير عنها لكن اكتشفت أن الأعراس هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن تغييره ولا يمكن التعديل على طرق إحيائها.. فلا بد من مدعوين ولا بد من ضيافة ولا بد من زغاريد ولا بد من مجموعات تعرف كيف تجعل «المنصة»... لها صوت وحركة، فهي ليست منصة خطابة، الأعراس لا يمكن تغييرها إنما المتغير نحن موقفنا من العرس من العريس ومن العروس ومن أهلهما معا، فعندما يقيم الناس أعراسهم فهم لا يبحثون عن منفعة بل عن متعة! متعة الإحساس، إن هذا الذي كان بين يديك يحبو صار كبيرا فقد أصبح منذ الليلة مشروع أب جديد، متعة لك إن أنت أبوه أو أمه وكنت ابنا لأب كان هو أباك الذي يخطط لك وأنت اليوم قد لا تخطط لكنك لا تنسى أن هذا الابن صار مثلك ذات يوم بطل ليلة عرس، إنها الأيام قد تدور لكن الوشائج باقية! وعندما لمحت الفرح في عيني الأم أدركت أنها تعيش لحظة لا تتكرر إلا في العرس.. يوم ترى ابنك أو بنتك عروسا، لو يعرف الأبناء كم يصنع الآباء لأجل إسعادهم ما بقي على الأرض عاق. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة