يصر سالم حمود البلوي على استقبال ضيوفه في بيت الشعر الواقع في طرف حوش منزله (الفيلا) في تبوك. ورغم وجود مجلس كبير للرجال في المنزل مزود بديكورات حديثة وألوان زاهية، إلا أنه لا يستشعر بقربه من الضيوف إلا بوجودهم معه في بيت الشعر، ليتخذ مكانه مقابل النار يعد لهم القهوة وهو يرتدي الزي البدوي التراثي مع أبنائه. يؤكد البلوي أن قرار بناء بيت الشعر في منزله الحديث نبع من حنينه للماضي ورغبة منه في تجسيد مدى ارتباط أبناء جيله بتراث الآباء والأجداد، وغرس ذلك في نفوس أبنائه. وحرص قبل أن ينتهي من بناء البيت أن يجمع عددا كبيرا من القطع الأثرية والتراثية ليزين بها جوانب البيت، خلافا لأدوات القهوة والشاي والطبخ التي لا يكتمل البيت دون وجودها. ويعتبر أهالي الشمال وجود بيت الشعر في المنزل أشبه بالضرورة كونه يعود بالإنسان إلى ماضيه غير البعيد. وإزاء ذلك انتشرت في تبوك وكافة المناطق محال بيع وتركيب بيوت الشعر، وتتراوح أسعارها من خمسة إلى 30 ألف ريال، بحسب نوعية القماش وأدوات الزينة والديكور المصاحبة. ويرى موسى ربيع البلوي أنه من الواجب المحافظة على تراث الآباء والأجداد وتخليده، وتعريف الأبناء بطبيعة الحياة التي كانوا يعيشونها «فهي تجسد مسيرة كفاح حملت في طياتها معاني سامية، تدل على ما كان يتمتع به الأباء والأجداد من قوة عزيمة وإرادة وكرم وعطاء وتضحية. العودة للنمط المعيشي لحياة البادية مظهر من مظاهر الوفاء والمحافظة على إرثنا التاريخي الجميل». ولا يخفي حامد الوابصي سعادته بوجوده في بيت الشعر الذي يذكره بحياة البادية، يقول «تفوح منه رائحة الأصالة والاعتزاز بالماضي، ورغم قساوة الظروف المعيشية التي صاحبت تلك الحقبة الزمنية إلا أن تكاتف المجتمع ساهم في تذليل الكثير من الصعاب التي كانت تواجه سكان البادية». ومن جهته، لا يتصور خالد عيد البلوي منزله دون بيت الشعر، «حتى لو أخذتنا الحضارة والمدينة يبقى بيت الشعر ضرورة حياتية تنقل للأجيال تراث الوطن والارتباط بالمكان، فيما يشير علي محمد العقيص إلى أن «جمالية بيت الشعر وما يحويه من قطع تراثية وأثرية تجعلنا أكثر قربا من الماضي وتصور لنا طبيعة الحياة التي كان يعيشها القدماء، والملابس والأدوات التي كانوا يستخدمونها في حياتهم اليومية».