ما زال المجتمع الشمالي محافظا على الكثير من العادات والتقاليد الأصيلة التي يتم توارثها عن طريق الآباء والأجداد، ومن تلك العادات، اللقاءات الدورية حيث يجتمع الأهل بالقرب من النار للتلذذ بالأحاديث واحتساء القهوة العربية الأصيلة بحضور الأحبة فيما يسمونه بينهم ب(شبة النار). وشبة النار عادة شمالية اعتادها أبناء المنطقة على مر العصور حاضرة وبادية، لكن طرأ عليها في الوقت الراهن بعض التغير فبدلا أن تكون في المناطق المفتوحة أو في الصحراء أصبحت تخصص لها مجالس يطلقون عليها الديوانيات يلتقي من خلالها الأهل والأصدقاء، وتمارس فيها نفس الطقوس التي كانت تمارس في السابق من تبادل أحاديث ودية وإكرام للضيف وتباحث في الشؤون العامة والخاصة للمجتمعين وغيرها. وقد انتشرت عادة (شبة النار) بين الشماليين وتوارثوها من الآباء والأجداد، وكانت في السابق دلالة على الكرم والشهامة رغم ضعف الحال، وكانوا في الماضي يضربون النجر (يدقون المهباش) ليعلن راعي بيت الشعر (الخيمة) أنه قد انتهى من صناعة القهوة ليقدمها للضيوف، وعندما يسمع الضيف أو المسافر أو المتجول قرع النجر يعرف أن صاحب المنزل يريد استقبال ضيوفه. وتتميز القهوة الشمالية بالسواد العاتم وكثرة الهيل، وفيما يخص القهوة تحديدا هناك مثل شمالي دارج وهو (فنجال للراس وفنجال للنعاس وفنجال للبطن) حيث يعاب عندهم شرب أكثر من ثلاثة فناجي في الجلسة الواحدة، إلا أن هناك رجالا تميزوا بالكرم والشهامة يجبرون ضيوفهم على شرب أكثر من ثلاثة فناجي من القهوة حبا وتقديرا لهم. وبالعادة يقدم الشماليون الزبد مع التمر أو الأقط مع التمر لأن له مذاقا خاصا وجميلا مع القهوة. ويأنس الرجل الشمالي عندما يحل عليه الضيف لأنه يرغب في التميز بإكرام ضيفه غير طامع في سمعة أو إطراء، بل همه هو رضا ضيفه وتقديره وتوجيبه. وانتشر بين بعض أبناء الشمال في الوقت الراهن في ظل الزحف العمراني نصب الخيام داخل المنازل ليمكنوا من (شب النار) بداخلها مستعيدين هذه العادة التي اندثرت عند البعض الآخر، ويفضل أهالي الشمال بناء الخيام والمكوث فيها لوقت أطول خلال فصل الشتاء حيث يمتاز بطقس جميل يعتبرونه الأفضل للالتقاء، ويصطحبون بشوتهم ويفضلون الجلوس إلى جانب النار ليشعروا بالدفء إلى جانب احتساء القهوة وتجاذب أطراف الحديث. ومن الأمور التي يعيبها الكثير من الشماليين اصطحاب البعض منهم لأطفالهم الصغار في المجالس، وتعتبر تلك صفة ينتقدها المجتمع حيث لا يحضر سوى كبار السن أو من هم في سن الرشد، ومن الضروري أن يكونوا بزيهم الرسمي، ويعاب عندهم أيضا رمي الشماغ أو الذهاب للمجالس بثوب النوم وما شابه.. أما فيما يخص الأحاديث التي يفضلون الإسهاب فيها فهي تتعلق بقصص الماضي التي تصور الكرم والمروءة والشهامة التي تعيد ماضي الآباء والأجداد والحياة التي يعيشونها.