كان بالإمكان أن تميع القضية لو طال الحسم فيها، وكان بالإمكان أن تكون فرصة سانحة لمزيد من التثبيط لمحاولات المؤسسات الثقافية إشاعة الفكر التنويري وإثراء روافده. كان بالإمكان أن تكون حادثة مناسبة جدا للمزايدات والجدل العقيم، والأهم أنها لو لم تحسم بهذه السرعة لكانت تركت أثرا سلبيا موجعا في نفوس المثقفين الذين يسعون لخدمة الثقافة والأدب بنزاهة وبمنأى عن توظيف هذه الساحة لخدمة أجندات بعيدة كل البعد عنها. كان حضور وزير الثقافة والإعلام مشرفا وفي مستوى المسؤولية منذ اليوم الأول لنشر خبر قضية رئيس نادي الباحة الأدبي مع الدكتور علي الرباعي. بادر الوزير إلى طلب ملف عن حيثيات القضية، وقال رأيه المبدئي بوضوح أن ما حدث مؤسف وما كان له أن يحدث، وأن الوزارة هي المرجع الرسمي الذي كان يجب على رئيس النادي أن يعود إليه إذا كان الأمر يستحق.. يوم أمس نشرت الصحف قرار الوزير الحاسم السريع بإعفاء رئيس النادي من منصبه ومن عضوية النادي، وتأكيده على أن الأندية الأدبية «تمثل قمة التقاء المثقفين والمبدعين، ويجب ألا يخرج منها إلا ما يكون قدوة للمجتمع من فكر وأدب وثقافة» وأن الإشكالية التي حدثت «لا تليق بمستوى الأندية الأدبية ومثقفيها». القضية انتهت بصدور القرار، ولكنها تجعلنا نستعيد بعض الإشكاليات التي حدثت في فعاليات بعض الأندية الأدبية ومثلت امتهانا وإهانة لها ولمنسوبيها وضيوفها من المشاركين في فعالياتها بواسطة أشخاص يتبنون أفكارا ضيقة ورؤى منغلقة ومفاهيم متصلبة. في أكثر من ناد حدثت تدخلات سافرة، وتصرفات همجية، وصل بعضها إلى حد الاعتداء -قولا وفعلا- على المشاركين. في بعض الأندية ألغيت فعاليات بسبب ضغوط وصلت إلى التهديد العلني، وفي بعضها تجاوز الأمر أقصى ما يمكن توقعه حين بلغ التمادي تخريب منشآت النادي كما حدث في الجوف.. ولم يعد سرا أن بعض الجهات الرسمية المسؤولة عن التصدي لهذه الممارسات وردع أصحابها لم تقم بمهمتها كما يجب، مما يثير أسئلة كبيرة ومهمة عن تأثير المعارضين عليها بقوة نفوذهم أو بالتقاء أفكار مسؤوليها مع أفكارهم.. وحين تستحق الوزارة ووزيرها الشكر والتقدير على شجاعة تحمل المسؤولية بطي ملف أدبي الباحة بشكل مشرف، فإننا نتمنى أن تمارس نفس الحزم مع أشكال أخرى من التعديات السافرة الخطيرة التي قد تتكرر بعد أن ظن البعض أن جدار الأندية الأدبية قصير وهش، وأن الأدباء والمثقفين لا مرجع لهم يحميهم ويحفظ حقوقهم المعنوية، كما يجب أن تكون هذه الحادثة نقطة تحول في معايير اختيار من يمثلون مجتمع الثقافة والأدب في هذه المؤسسات.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة