بمجرد أن أعلن مجلس الشورى رأيه حول استحقاق العاطلين عن العمل معونة مادية شهرية، سالت التعليقات حول ذلك على صفحات الصحف وغيرها، ما بين مؤيد ومعارض، المؤيدون يرون أن في صرف المعونة بعضا من سد حاجة العاطلين إلى المال، الذين يخشى، متى اشتدت بهم الحاجة توجههم إلى كسب المال من أبواب غير شرعية، ويحتجون على ذلك بأن كثيرا من دول العالم تفعل هذا، فتصرف معونات للعاطلين إلى حين عثورهم على عمل. والمعارضون يرون أن صرف معونة للعاطلين يجعلهم يركنون إلى الكسل ويزدادون برودا في عدم الإقبال على العمل، خاصة أن أجور العمل المتاح لهم متدنية إلى قدر يماثل المعونة التي ستصرف لهم. وإذا تأملنا في المسألة فسنجد كلا الطرفين محقا في مخاوفه، وهذا يعني أن الأمر يتطلب دراسة شاملة لجميع الجوانب لتبين ما فيه من نفع أو ضر، وما سيتولد عنه من آثار، وما هي البدائل التي يمكن أن تطرح كحل أفضل. إلا أننا لا ينبغي أن نندفع إلى اقتباس ما تفعله الدول الأخرى قبل أن نتأمل فيما بين وضعنا ووضعهم من اختلافات، وما هو أمر نادر أن نجد ما اقتبسناه حرفيا عن الآخرين باء بالفشل لدينا لكوننا لم ننطر إلى الاختلافات القائمة بين الوضعين. وفي مسألة البطالة نجد أنها غالبا ما تكون في دول العالم بسبب تقلص الفرص الوظيفية المتاحة، لذلك تعمد بعض الدول المقتدرة اقتصاديا إلى صرف معونات مادية للعاطلين ريثما تتمكن من خلق فرص عمل جديدة، لكن هذا الوضع لا ينطبق على البطالة الموجودة لدينا، فبلدنا يفيض بالفرص الوظيفية، ونحن لسنا في حاجة إلى خلق فرص عمل جديدة كما هي الحال في المجتمعات الأخرى، قدرما أننا في حاجة إلى حماية المواطنين من منافسة الوافدين لهم على اقتناص ما يوجد في السوق من فرص العمل. وهم يخوضون المنافسة مع المواطنين متسلحين بسلاحي: الأجر المنخفض، والكفاءة المهنية أحيانا.. وإذا كان الأستاذ خلف الحربي في مقاله يوم الثلاثاء الماضي اقترح أن يرافق صرف المعونة المقترحة للعاطلين، وضع حد أدنى للأجور يفي باحتياجات الفرد ويحقق له حياة كريمة، لأن الأجور المدفوعة حاليا تكاد في مقدارها تماثل تلك المعونة المقترحة، ومن المتوقع أن يزهد الناس في الأعمال المتاحة ذات الأجر المتدني وينصرفوا عنها قانعين بما تمدهم به تلك المعونة. فإني أرى أن مجرد وضع حد أدنى لأجور المواطنين وحدهم لا يحل المشكلة، ولابد من مكافحة تدني أجر الوافدين أيضا، ليس امتثالا للدوافع الإنسانية فحسب، وإنما قبل ذلك حماية للمواطنين من المنافسة حين يقبل الوافد بالعمل بأجر متدن. لذلك ينبغي أن يكون وضع الحد الأدني للأجر عاما وموحدا، يشمل المواطن والوافد على السواء، أما إن ترك الوافد يعمل بأجر متدن، والمواطن لا يمكن تشغيله إلا بدفع أضعاف ما يدفع للوافد، فإن ذلك سيؤدي بأصحاب العمل إلى التلاعب والتفلت وخلق التمويهات للتنصل من توظيف المواطنين. للحديث بقية، فإلى صباح الغد إن شاء الله. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة