تقترب أعداد العاطلين (شبانا وشابات) من نصف المليون (هذا إذا صدقت الإحصائية)، وهو عدد سيدخل إلى موازنة الدولة من خلال برنامج إعانة الباحثين عن عمل.. أي أن ما يقرب من الخمسمائة مليون ريال ستنفق شهريا لإعانة العاطلين (هذا إذا تقرر صرف ألف ريال كحد أدنى لكل عاطل).. وهي حمولة ستبحث وزارة العمل عن حلول لإنزالها عن كاهل الموازنة العامة من خلال توفير فرص عمل للمستفيدين من البرنامج.. وفي ظل الخطط المنظورة ستظل الأعداد باقية، وسوف تتزايد سنويا من غير حلول جذرية تمكن العاطلين من الالتحاق بالعمل وبدء عجلة بناء الأسرة. وليس بيد وزارة العمل من حل سوى تسكين هذه الأعداد في القطاع الخاص، ولأن أجور هذا القطاع متدنية تقترب من معونة البطالة، فإنها لن تفلح في إجبار الباحثين عن وظيفة بالقبول بالعمل بأجر متواضع، وهنا سينشأ (إشكال) تنظيمي، حيث ستشترط وزارة العمل للحصول على معونة البطالة توفير عمل للمستفيد، وحالما يجده تقطع عنه المعونة، وكما قلنا بأن الباحث عن عمل لن يقبل بمرتب يقترب من الإعانة، وسيفضل البقاء على الإعانة على البطالة، وبالضرورة ستقوم الوزارة بحرمانه من الاستفادة من البرنامج.. وهذا التصرف المتوقع سيعيد ويزيد المشكلة تعقيدا. فما هو الحل.؟ مشكلة البطالة ليست (عدد ودخل)، بل هي مشاكل متجمعة تبرز تحت مسمى البطالة، حلها لا يكون بالمهدئات وانتظار ما سوف تفرزه الأيام المقبلة لكي نتعامل معه وفق ما تفرزه من مشاكل.. البطالة بحاجة إلى تكاتف جميع الوزارات من خلال خطط استراتيجية ذات زمن محدد. ففي ظل تزايد التعداد السكاني وشح الوظائف، سوف ترتفع نسبة البطالة، وتزداد تكلفة برنامج إعانة العاطلين، ولن تسير حياة هؤلاء المنتظرين لفرص العمل، ولن تفلح المعونة في تسيير حياتهم . وإلى أن توجد تلك الاستراتيجية، يجب على وزارة العمل رفع الحد الأدنى للأجور؛ تلافيا لتقارب ما يحصل عليه العاطل من إعانة وبين الدخل المعروض عليه من القطاع الخاص، وهذه خطوة أولى لتلافي مشكلة تقف على الباب وفي المنظور القريب. أما الحل الجذري (والذهبي) فهو بيد وزارة المالية التي تصر على عدم استحداث وظائف، برغم اختناق البلد بأعداد الشباب العاطل عن العمل. وهو موقف عجيب ليس له تفسير (في ظل صمت وزارة المالية)، وإذا صمتت كل وزارة عن هذه الأعداد المتزايدة فإن وزارة العمل لن تستطيع محاربة البطالة بيد فارغة. أجزم أن كل شاب يريد أن يعمل ولا يريد إعانة، لهذا وفروا العمل الذي يتوازى فيه الدخل مع الجهد المبذول، ولا تحولوا طاقة المستقبل إلى عالة تنتظر دخلا لا يسمن ولا يغني من جوع.. عبده خال عكاظ